للأعلى
19-أبريل-2012

بيان مؤسس الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس

بيان الدكتور حسن خاطر عن التفاعلات مع زيارة الحبيب علي الجفري للقدس

أكد الدكتور حسن خاطر مؤسس الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات وأمينها العام السابق ومؤلف موسوعة القدس والمسجد الأقصى ، ورئيس مركز القدس الدولي أن ما يجرى منذ ايام من تفاعلات مع الزيارة التي قام بها الداعية الحبيب الجفري إلى المسجد الأقصى يكشف عن حجم المأساة التي تعانيها القدس على يد أبنائها وعلى يد أعدائها في آن واحد ، فبعد مرور أكثر من أربعة عقود ونصف على سقوط القدس في يد الاحتلال ،ما زال علماء الامة لا يعرفون أين تكمن مصلحة القدس، في استمرار مقاطعتها أم في إعادة العلاقة بها على أسس ومعايير تتناسب مع واقعها!

وقال :إذا كان الجهل بهذه المصلحة الكبرى طوال هذه العقود يعد مصيبة عظيمة، فإن المصيبة تعظم إذا تبين أن هناك من لا يريد أن يعرف هذه المصلحة، وفي الوقت نفسه يريد إبقاء العلاقة على ما هي عليه، إلى أن يرث الاحتلال القدس وما عليها ! وناشد الدكتور حسن خاطر علماء الامة إعادة النظر في هذه الفتوى بناء على الكثير من المتغيرات التي توشك أن تعصف بعروبة المدينة وهويتها وأهلها ومقدساتها، وقال : إنني أؤكد للعلماء من موقعي وتجربتي المستمرة على مدار عقدين من الزمن أن “فتوى تحريم الزيارة ” أضرّت – دون قصد أو اتهام لأحد – بالقدس ضرراً كبيراً ويسّرت للاحتلال تنفيذ العديد من مشاريعه ومخططاته ، جراء الفراغ الواسع الذي أوجدته “المقاطعة” في علاقة الامة بها، وقال : لم استطع إلى غاية اليوم أن أجد فائدة واحدة معتبرة استفادتها القدس أو أهلها أو مقدساتها من هذه المقاطعة ، وفي المقابل أستطيع أن أُعدِّد أكثر من عشر سلبيات كبيرة وخطيرة لحقت بالقدس جراء هذه المقاطعة !

وقال :ان المعادلة تغيرت على الارض بسرعة كبيرة لصالح الاحتلال ومخططاته ،فتم إعلان القدس الموحدة عاصمة أبدية لدولة الاحتلال، وتم عزل المدينة عن جميع أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة ، وتم بناء جدار العزل العنصري حولها ، وتم وضع القوانين والعراقيل لتهجير المقدسيين وسحب الهويات ، وعدم منح تراخيص البناء ، وهدم البيوت ، وضرب وتخريب الاقتصاد، وفي المقابل وضع الاحتلال سياسات استراتيجية تقوم على أساس تكثيف الاستيطان، وتحويل المستوطنين إلى أغلبية ساحقة كل عربي يقابله اليوم خمسة مستوطنين يهود ، وتم فتح الأبواب على مصراعيها أمام الجمعيات الاستيطانية للسيطرة على عقارات ومقدسات البلدة القديمة، وتم افتتاح أكثر من سبعين كنيس يهودي حول الأقصى وتحته بعد أن لم يكن هناك سوى كنيس واحد قبل عام 1967م ، ونجح الاحتلال في ابتلاع حوالي 89% من أراضي القدس ؟!ووصلت نسبة “تسرّب” المواطنين العرب من البلدة القديمة -بسبب الحصار وسياسات الاحتلال – ما بين 40-50% ، والقائمة طويلة!!

وأوضح الدكتور خاطر أن سياسات الاحتلال الاسرائيلي، في ظل استمرار عزل القدس عن الامة، حولت القدس إلى ما يشبه “مدينة أشباح ” أسواقها شبه فارغة إلا في المناسبات الدينية ، ومعظم محالها التجارية مغلقة ،وعدد المستوطنين في تزايد وحركتهم تطغى على البلدة القديمة بأكملها ،وأعداد المقدسيين في تراجع كبير، ونسبة الفقر بينهم وصلت إلى أكثر من 70% ، وبات المستوطنون يسيطرون على كل المساحات الواقعة تحت المسجد الأقصى ،وأقاموا فيها الكنس والمراكز الدينية والثقافية ،وهم اليوم ينافسوننا بقوة على المساحات الموجودة فوق الأرض ، وقد وصل الحال إلى حد تقسيم الأقصى “زمنيا” بيننا وبينهم ، فهم يقتحمون الأقصى مرتين في اليوم ، مرة قبل صلاة الظهر ، وأخرى بعد صلاة الظهر ، ولست أبالغ إذا قلت أن عدد جنود الاحتلال المنتشرين على الحواجز والمداخل المؤدية إلى الأقصى يكاد ينافس عدد المصلين فيه على مدار الايام العادية !!

وحذر الدكتور حسن خاطر من “أن القدس اليوم تكاد تلفظ انفاسها العربية جراء هذين العزلين ، الجدار العنصري الذي يحكم عزلها عن ابناء فلسطين ، وفتوى العلماء المسلمين والمسيحيين التي تحكم عزلها عن باقي ابناء الامة “! وطالب الدكتور خاطر علماء الامة بالبحث المستمر عن الأفكار الخلاقة والمبادرات الشجاعة وعن كل الوسائل والامكانيات الممكنة لإشراك إخواننا العرب والمسلمين في هذه المعركة العظيمة التي تركوها لأطفالنا ونسائنا وشيوخنا على مدار العقود الماضية ، وقال :إن الكثير من علمائنا – للأسف- وضعوا هذه الفتوى تحت وسائدهم وناموا عليها ظانين أنهم قد ادوا واجبهم تجاه القدس امام الله !!

وقال :إنني أطالب علماء الامة التفكير الجاد بإجازة وتشجيع السياحة الدينية الراشدة إلى القدس وفلسطين ،والتعامل معها كوسيلة من وسائل إشراك العرب والمسلمين في الصراع مع الاحتلال وعدم الاستمرار في إبعادهم أكثر وأكثر عن ساحة الصراع ، حيث لم يثبت أية فائدة لهذه السياسة على الاطلاق ، في حين أن ترشيد العلاقة مع القدس يمكن أن يُحوّل كل عربي وكل مسلم إلى انسان فاعل يمكنه المشاركة في معركة القدس بالإمكانيات المتاحة وهنا يقع دور كبير على عاتق العلماء في كل أرجاء العالم فيما يتعلق بعملية الترشيد والتهيئة ابتداء من نقاط الانطلاق وانتهاء بالعودة.
وقال: إن الاستهانة بالسياحة الدينية الراشدة يشبه الاستهانة بدور الشبكة العنكبوتية قبل عقد من الزمن ، لأن مثل هذه السياحة يمكن أن تكون وسيلة فاعلة ومباشرة في معركة القدس ،إذا نجح العلماء في إدارتها ، ويمكن أن تكون أيضاً من أهم وسائل تحرير المدينة المقدسة، لأن كل سائح – مسلماً كان أو مسيحياً – لن ينتهي دوره بعودته إلى بلاده ، فقد رأيت بعيني كيف تحول عدد كبير من هؤلاء الاخوة إلى سفراء ناجحين ما زالوا إلى اليوم يقومون بدورهم في نصرة القدس والمقدسات كل بطريقته ، وقال :اسألوا مؤرخي القرون الوسطى كيف لعبت السياحة الدينية دوراً اساسياً في تعبئة وتحريك ما عرف بـ “الحملات الصليبية” نحو بيت المقدس والشرق عموما!!

أما بخصوص زيارة الداعية الحبيب الجفري الى الأقصى فقال الدكتور خاطر : إن الأخ الحبيب علي هو واحد من علماء هذا العصر وأنا أحترم اجتهاده وأقف عند حدود البيان الذي أصدره ، ومن حقه أن يجتهد ،وليس من حق أحد أن يغلق باب الاجتهاد، وإلا تحولنا إلى محاكم تفتيش جديدة ، وإذا لم يكن اجتهاد العلماء في قضية بحجم قضية القدس ،ففي أي قضية سيجتهدون ؟ في نواقض الوضوء وفقه الحمامات!! وقال : أنا أفضل قبل أن نفتح ابواب الزيارة ،أن يكون هناك مؤتمر لجمع من العلماء لدراسة هذه القضية والخروج بفتوى جماعية دقيقة وشاملة تحدد علاقة الأمة بالقدس على أسس إيجابية وفاعلة، وأتمنى أن تكون زيارة الداعية الجفري للقدس بمثابة استطلاع ومعاينة من قبل واحد من العلماء الشباب ، ومن رأى ليس كمن سمع ،وأكد الدكتور خاطر رفضه للهجمة الشرسة والاتهامات الباطلة التي تعرض لها الجفري مشدداً على أن القدس بحاجة إلى كافة أبنائها، وهي توحد بين المسلم والمسيحي ، فمن باب أولى أن لا تفرق بين المسلم والمسلم.

© 2014 TABAH WEBSITE. All rights reserved - Designed by netaq e-solutions