للأعلى
27-يونيو-2002

لقاء مجلة لها

في ظل التطورات التي تواجه شبابنا في الوقت الحاضر، ما هي النصائح التي توجهها إليهم حتى يزيد تمسكهم بدينهم وتعلقهم بربهم؟

هناك ثلاثة أمور ينصح الشباب المسلم ذكوراً وإناثاً بها في ظل ما يمر بالأمة الإسلامية اليوم من ظروف عصيبة وأحسن ما ننصح به هؤلاء الشباب أن يبحث الواحد منهم عن حقيقة صلته بربه. بمعنى إذا صلى أو صام أو تعامل مع الآخرين فلا يكتفي بالصورة لأن الإكتفاء بالصورة يورث صاحبه الملل بعد وقت كما يورثه تأثراً بما حوله. ولكن إذا بحث المؤمن أو بحثت المؤمنة عما يتعاملون به مع ربهم وعن حقيقة صلتهم بالله عز وجل، وحضور القلب مع الله، أورثهم ذلك ذوقاً لصلتهم بالله، فإذا ذاق المؤمن والمؤمنة معنى الصلة بالله، هان أمامهما وفي منظورهما كل ما عدا الله جل جلاله.

أما الأمر الثاني، فيجب على الشباب جميعا أن يثقوا بأن في معاملتهم مع الله وصلتهم به حلاً لكل ما يحتاجون إلى حله من هموم أو إشكالات في زمانهم، وإذا وجدوا من يتكلم في الدين أو عن الدين ولم يجدوا لديه الحل لتلك الهموم أو الإشكالات، فليعلموا أن العيب قد يكون في المتكلم أو المستمع وليس في الدين.

والأمر الثالث الذي ننصح به الشباب هو أن يبتعدوا عن المعاصي، ومن يقع فيها فليعلم أننا كلنا خطاءون وخير الخطاءين التوابون، ومن وقع في المعاصي من الشباب فليبادر إلى الله ولا يجعل المعصية تحجبه عن الله، فالمعصية مصيبة، والمصيبة الأكبر أن يرضى الإنسان بها وأن يستسلم لها.

هذا ما ينبغي للشباب أن يفقهوه في أنفسهم، يعينهم على ذلك قوة تعلقهم بسيرة الحبيب عليه الصلاة والسلام وشمائله. أقول لهم اقرأوا سيرة المصطفى وسير آل البيت وسيرة الصحابة وسير التابعين والأئمة من السلف الصالح، فإن في تلك القراءة ربطاً بأحوالهم التي كانوا عليها وقوة يواجهون بها ما يحيط بهم.

وأقول للشباب: خذوا بالأسباب ووسائل العصر التي لا تتنافى مع شريعتكم وأهدافها، ولكن لا تجعلوها تأخذكم، بمعنى استعملوها ولا تعتمدوا عليها. وأقيموا بينكم وبين الله عز وجل نور الإلحاح عليه في الطلب، فإن الله تعالى إذا رأى عبده يلح عليه في أي شيء كان دينياً أو دنيويا يقبل الله عليه ويجيبه ويعطيه مطلبه.

مع دخول وسائل عصرية حديثة إلى مجتمعاتنا كالانترنت وخلافه، وانشغال الشباب بها عن أمور دينهم. هل ترون أن هذه الوسائل نافعة أو ضارة ؟ وماذا توجهون من نصائح في هذا المضمار؟

الانترنت أو غيرها من الوسائل الحديثة إعلامية كانت أم اتصالية، هي مجرد وسائل فحسب. الإشكال ليس في الوسيلة وإنما في الانسان الذي يتعامل مع الوسيلة ويستعملها. فالذي يقبل على الوسيلة وليس له هدف يصير عابثاً ولا بد أن يصيبه بعبثه في هذه الوسيلة ضرر منها.
وكل وسيلة فيها نفع وفيها ضر، والله عز وجل أودع في كل خلق من خلقه نفعاً وضراً، فما غلب نفعه على ضره فهو المستفاد منه، وما غلب ضره على نفعه يجب على الإنسان الامتناع عنه.
الانترنت وسيلة يغلب النفع فيها على الضر إذا دخلها الإنسان وله هدف ووجهة ويريد بها أن يخدم دينه أو أن يستفيد علمياً أو فكرياً أو ثقافيا، يدخل وهو صاحب هدف وعنده حس الخوف من الله فلا يرضى أن يستعملها في معصية، فإن التزم الإنسان بهاتين القاعديتين: أن يكون له مهمة محددة وهدف واضح وله أدب مع الله يمنعه من الوقوع فيما لا يرضي الله، استحالت هذه الوسيلة وغيرها إلى محل إفادة، إذ يمكن عن طريقها أن ننشر دعوة الإسلام وأن ننشر ثقافتنا الراقية التي يحتاج إليها العالم كله وأن ننشر أدبنا وأخلاقنا، أما إذا دخلناها ولسنا أصحاب هدف في استعمالها، يمكن أن تؤدي بنا إلى التلوث بما فيها من قاذورات.

هل الزواج والطلاق عبر الانترنت حلال أم حرام؟

المسألة ليست متعلقة فقط بالجانب الفقهي، فهذا الجانب يدخل في نطاق عمل المجمع الفقهي –أو رأي أهل الإفتاء– وهو العمدة في هذا الأمر.
ولكن دعونا ننظر إلى الأساس الذي من أجله أقام الله الزواج، فالله عز وجل أقام الزواج لمقصد وهذا المقصد ليس محصورا في الجانب الغريزي الذي نشترك فيه نحن والبهائم وإنما جعل الله من أسمى المقاصد للزواج أن نكوّن أسرة تكون لبنة في مبنى الأمة.
المقصود من الزواج أن يحصن الإنسان نفسه وأن يحصن من يتزوج، كما أن المقصود به أن ينجب أولاداً يربيهم تربية يصلحون بها لأن يباهي بهم الرسول عليه الصلاة والسلام يوم القيامة كما علمنا في قوله: (تناكحوا وتكاثروا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة).
فإذا فهمنا الهدف من الزواج، عرفنا أن الزواج بالانترنت لن يحقق لنا معرفة أخلاق من نتزوج، فالمرأة تنكح (لجمالها ومالها وحسبها ودينها) و(إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) إذاً العوامل والمقومات التي يقوم عليها الزواج في الإسلام لا يستطيع الانترنت أن يحققها، وغاية ما يستطيع الانترنت تحقيقه إظهار صورة الشخص المقبل على الزواج عن طريق إدخال الصورة على الكمبيوتر، أما السيرة وهي الأهم من الصورة فلا يمكنها أن تظهر عن طريق الانترنت، فكيف يتسنى للزوج أو الزوجة معرفة حقيقة كل منهما دون أن يعرفوا بعضهم بعضا حقاً عن طريق تعارف الأهل والسؤال عن الطرفين لدى الآخرين؟ وكيف لنا أن نحقق الأهداف والمقاصد السامية من الزواج عن طريق الانترنت؟

أما الطلاق، فالأمر يختلف، إذ بمجرد أن ينطق الإنسان به فإنه يقع والعياذ بالله، فالطلاق يقع بجرد النطق به من المكلف فإذا تم من خلال الانترنت فإنه نافذ.

نرى شباباً في مقتبل أعمارهم يقومون بمهمة الوعظ والإرشاد، فهل هناك ضوابط محددة للقيام بذلك مثل السن؟ أم أن الأمر تحدده ضوابط أخرى؟

لاشك أن السن ليس ضابطا في مسألة الوعظ والإرشاد وليس ضابطا أيضا في مسألة الفتيا، فالإمام الشافعي أذن له شيخه الإمام مالك بالفتيا قبل البلوغ وكان عمره اثنتي عشر عاماً فقط، وكان نحيل البنية ضعيف البدن إذا اشتد عليه الحر واشتد به العطش شرب الماء في نهار رمضان لأنه لم يبلغ ولم يجب عليه الصوم بعد، وكان يفعل ذلك وهو على كرسي الإفتاء.

المسألة ليست بالسن ولكن بمن الذي أذن لك بأن تفتي، فهل لك إذن من الذي له إذن من الذي له إذن وهكذا بسند متصل. وهنا عظمة ديننا حتى لا يجعلنا ذلك فريسة أهواء من يتكلم في الدين دون وجود للسند المتصل، فالذي يريد أن يتكلم اليوم عن علوم الشريعة وأمور الدين ينبغي أن يعرف عمن أخذها ومن الشيخ الذي أذن له وأجازه بعد أن تلقى عنه وفحصه وعرف إمكانياته، وأيضا عمن أخذ ذلك الشيخ علمه، فإذا كان له سند متصل سانده الصدق والإخلاص، فليس لأحد أن يوقفه ويمنعه.

ويجب هنا أن نفرق بين الوعظ والإرشاد وبين الفتوى، فالفتوى عمل كبير لا يجب أن يرتكبه أحد إلا بعد إذن. والمرتكب للفتيا يجب أن يفعل ذلك وهو على خوف ووجل شديد. كان شيوخنا يقولون لنا: لا ينبغي أن يفتي أحد في مسألة إذا مرت عليه أكثر من ثلاثة أيام ولم يراجعها، من شدة خوفهم وورعهم من الوقوع في الخطأ. هذا ما يتعلق بالفتيا لأنه يترتب عليها حكم، إذ كان الصحابة يتدافعون الفتيا فيما بينهم.. ابن مسعود يحيل على ابن عباس وابن عباس يشير إلى ابن عمر وهكذا.

أما الآن، فالجميع أصبح يفتي حتى من غير المتخصصين، وأصبح كل واحد يقول ((لا أعتقد أن الدين يقول كذا، أو يجب على الدين أن يكون كذا)) وهكذا فالدين اليوم أصبح محلا للجدل بين الناس، وهذا لا يجوز. ويمكن أن نشبه ذلك بأبسط الأمور وهو الطب، فلا يقبل من أحد أن يفتي في مسائل طبية دون أن يكون متخصصاً وأن يعرف من أين أخذ شهادته ومن الذي دربه. أما الوعظ والإرشاد، والمعبر عنها بالنصح، فلكل مؤمن أن ينصح إخوانه وأن يعظهم ويرشدهم في أمور دينهم في غير مواضع الفتوى.

البعض من أرباب البيوت يشتكون من عدم قدرتهم على ضبط أهل بيتهم حتى في أبسط الأمور، مثل مشاهدة التلفاز وهو أقل مظاهر الترفيه في الوقت الحاضر. ما تعليقكم على هذا الموضوع؟

المسألة ذات جانبين داخلي وخارجي، أما الجانب الداخلي وهو الأساس، فإذا وجد الأب والأم في نفسيات أبنائهم كان لهم الأثر الأكبر في مسألة المنع أو السماح دون الحاجة إلى اللجوء للضرب أو التوبيخ.

الذي نعاني منه اليوم في بيوتنا هو قلة جلوس الأب والأم مع أولادهما، فالساعة أو الساعتين التي يقضيها الأب مع أبنائه عند عودته إلى المنزل إذا وجدهم مستيقظين تكون أمام التلفاز وهذه مشكلة كبيرة ليس فقط لما يعرض بل لأنه لا يعود هناك صلة بين الأب وأبنائه. لو وجدت سويعة من الوقت في كل بيت تجمع الأب والأم مع أولادهم يذكرون فيها الله ويقرأون شيئا من القرآن الكريم ويصلون على الحبيب عليه الصلاة والسلام ويتدارسون سيرته عندئذ يشعرهم الأب بأن الدين رابط بينه وبينهم، وليس فقط المصالح، فالأب ليس محصل مالي والأم ليست خادمة، ولكنهما صاحبا وجود في نفسيات الأبناء.

وإن وجد ذلك في البيوت سيكون وسيلة قوية لغرس حصانة ذاتية في نفوس أبنائنا من الوقوع في الحرام.

وأذكر إني في الصغر كنت أجلس مع والدي ووالدتي وإخوتي وكانا إذا طالعنا التلفاز وجاء مشهد غير لائق يغضا البصر ويقولان: هذه أشياء لا ترضي الله فغضوا أبصاركم، فأصبحنا حتى في غيابهما وعندما نكون في بيوت أصدقائنا نغض أبصارنا كلما مر مشهد أو منظر غير لائق أمامنا لأن الصلة بيننا وبين والدينا تمكنت من غرس شيء في داخل نفوسنا.

أما الجانب الخارجي والمتمثل في الأصدقاء، فإذا أحكمت الصلة بين الأبناء وأصحابهم واختير الأصحاب الذين ينبغي أن يصاحبهم أبناؤنا من ذوي الأخلاق والقيم، ووجد ضابط الدين في اختيار الصاحب في نفس الولد أو البنت، كان لذلك الأثر الأكبر في الاستحسان أو الاستقباح، وأخير يجب علينا إيجاد البدائل، والحمد لله تعرض على الشاشة في الوقت الحاضر بدائل طيبة على الأب والأم الحرص في البحث عنها والسعة لإيجادها، وإن لم توجد في التلفاز يمكن عرضها عن طريق جهاز العرض (الفيديو)، ويكون ذلك سبباً في اختيار الأنسب لهم.

هل الفن حلال أم حرام؟

(يرفع كوبا من الماء كان بجانبه) في البداية أود أن أسألك: ما حكم هذا الكأس الذي أشرب فيه الماء؟ حكم الكأس أنه مباح، فإذا شربت فيه الماء فلا بأس في ذلك، وإذا شربت فيه زمزماً أجرت، وأما إذا شربت فيه والعياذ بالله خمراً أثمت.

هكذا الفن، فهو وعاء، إذا أحسن استخدامه كان سببا في الاستفادة، وإذا أسيء استخدامه كان سببا في الضرر. إلا أن الواقع الآن أن الغالب على الاستخدام هو الإساءة. هو ليس بحرام، ولكن حكمه حكم الاستخدام، فهو وسيلة من وسائل الإعلام، والحبيب عليه الصلاة والسلام جعل للإعلام أهمية كبيرة في حياة الدعوة، حتى أنه دعا لحسان ابن ثابت عند ربه، وكان حسنان شاعرا فصيحا شعره قوي وبليغ، وكان الشعر أبدع وسائل الإعلام في عصر النبوة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (اللهم أيده بروح القدس) وروح القدس هو سيدنا جبريل عليه السلام، فالرسول عليه الصلاة والسلام سأل ربه أن يؤيد حسان بروح القدس نظراً لأهمية هذه الوسيلة والكلام الذي نوجه إلى المشرفين على وسائل الإعلام أن يراقبوا الله عز وجل فيما يضعونه.

ماحكم قيام بعض الأثرياء ورجال الأعمال بعرض مبالغ مالية على الفنانين والفنانات مقابل اعتزالهم الفن وتوبتهم؟

أنصح أن لا يكون العرض قبل التوبة. لكن بعد أن تحصل بوادر التوبة وتبرز من باطن الفنان معاني الإقبال على الله، يمكن لصاحب المال أو رجل الأعمال أن يعرض عليه بعد ذلك نوع من المساعدة، وأفضل أن تكون مساعدة فعلية تعتمد على توفير فرص عمل للقادرين منهم حتى لا يصبح أمر التوبة والرجوع إلى الله عز وجل مربوطا بالمصالح الدنيوية.

وعلى سبيل المثال، يمكن أن يأتي فنان فاشل أو فنانة فاشلة ويجد الواحد منهما أنه يحتاج إلى المال، فيلبس ثوب التوبة من أجل ذلك الهدف، أو أن يختلط على الصادق في توبته صدقه نتيجة لذلك العمل، فيجب أن نعينه على ذلك.

وأعتقد أن أكثر الفنانين إذا وضعت في قلوبهم الرغبة في التوبة فإنهم لا يفكرون في مثل هذه الأشياء، وما يروج له من التهم في هذا المجال عبارة عن وسائل ضغط إعلامية سيئة وغير لائقة.

كيف تتم الدعوة والوعظ والإرشاد للفنانين؟

أهم وسيلة هي تحريك معاني الإيمان في قلوبهم. ولكني أستغرب مثل هذا التركيز على الفنانين من إقبالهم على الله جل جلاله. الفنانون بشر مثلنا لهم قلوب وأحاسيس وربما كانت أحاسيسهم مرهفة أكثر من غيرهم، تتحرك بمجرد أن يجدوا من يحترم إنسانيتهم، ومعنى ذلك ألا نقع – كما سبق وذكرت في بعض الصحف– في أحد خطأين، فالفنان يجد نفسه عادة بين فكين أو داخل مشكلتين، فإما التطرف الذي يتجه إلى مدحه والمغالاة في ذلك والتصفيق له حتى الخطأ وهذا خطأ، وإما إلقاء التهمة الصحيحة تكون في إشعاره بأن باب الله مفتوح، وتحريك معاني الإيمانيات في قلبه وهو كإنسان سيقبل على ذلك وهذا ما جربناه نحن.

هل صحيح أنكم وراء حجاب صابرين؟

حجاب الأخت صابرين وراءه إرادة الله سبحانه وتعالى وتوفيقه.

ولكن هل كنتم سببا في ذلك حتى ولو بطريقة غير مباشرة؟

هي تقول ذلك، إنها رأت أحد أشرطة الفيديو لجلسة وعظ كنا عقدناها وتأثرت بها وعاهدت الله بعد ذلك مباشرة على التوبة. وأعتقد أن هناك مقدمات كثيرة تراكمت في قلبها سببت تأثرها بهذا الشريط.

هل أقمتم جلسات وعظ في منزلها؟

بعد أن أقبلت على الله دعتنا إلى منزلها وكان مجلسا كبيرا:
كان الرجال في حجرة والنساء في أخرى، وألقينا من حجرة الرجال وكانت هي تستمع مع بقية النساء في الحجرة الأخرى إلى الوعظ.

هل توضحون في جلسات مماثلة أن على الفنانين ترك ماهم عليه؟

لا نخاطب الفنانين قط في مسألة تحريم الفن, ولا نخاطبهم في أن يتركوا شيئا هم عليه، وليس هذا هو منهجنا وإنما نخاطبهم في معاني إقبالهم على الله، والذي يصدق في إقباله على الله، والذي يصدق في إقباله على الله فانه يصبح كما يقول تعالى: (يا أيها الذين امنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا)، يغرس الله في قلبه التفريق بين الحق والباطل، فيسلك طريق الحق ويدع الباطل.

وهناك كثير من الفنانين الذين لا يزالون يمارسون مهنة التمثيل ولم يفكروا حتى الآن في تركها، ونحن لا نطالبهم بذلك، وإنما تكون المطالبة فقط باختيار أدوار إذا أدوها تكون صالحة لأن تعرض أمام الله عز وجل ساعة وقوفهم بين يديه تعالى، ومالا يصلح لأن يقفوا به أمام الله عز وجل عليهم أن يتجنبوه لقوله تعالى: (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره).

ولكن ألا توضحون لهم الحلال والحرام وما عليهم فعله قبل التوبة؟

مهمة الداعي إلى الله والناصح والمرشد أن ينبه الناس ويعلمهم هذا خير وهذا شر، وأن يبذل الجهد في تقريب الأمر إليهم بما ينفعهم وأن يكون أقرب إلى فهم مافي قلوبهم، صادقاً معهم، أما الثمرة فتعود إلى الحق عز وجل: ( انك لا تهدي من أحببت). نسأل الله للجميع التوفيق والهداية، ولكننا لاندعوا أحدا إلى ترك شيء من قبل أنفسنا أوفعل شيء بل إن جوهر دعوتنا أن نقول للناس اربطوا قلوبكم بربكم واصدقوا في فهم أحكامه كما يريد الله وليس كما تريد أهوائكم، وسترون بعد ذلك الفرقان.

هل يمكن أن توضحون لنا المقصود من التعدد، وهل للرجل أن يتزوج من أربع نساء لأن الله سبحانه وتعالى أحل له ذلك؟

لابد من تصحيح مفهوم التعدد وفهم المقصود منه إذ لا يجب أن يكون للعب، فالأمر الأول في موضوع التعدد أن تكون الزوجة الأولى والثانية على خلق ودين وتربية، وليس معنى ذلك أن الخلق والدين والتربية ستقضي على مقتضى البشرية من الغيرة التي قد حصلت في بيت النبوة عند أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، ولكن مع قيام مقتضى البشرية سيكون ضابط الدين والخلق سببا في اعتدال الأمر، فان صح مقصد الإنسان من زواجه ثم بعد ذلك حسنت معاملته بالعدل الذي أوضحه الله عز وجل في شريعته، حصلت روح التفاهم. والمسألة ليست صعبة. إلا أن الذي يجعل الأمر صعباً هو الجانب الغريزي في نفس المرأة والذي اعتبره الله عز وجل فيها وتستطيع المرأة التغلب عليه. الأمر الثاني هو انسياقنا وراء وسائل الإعلام التي صورت الأمر على أنه كارثة وأنه مصيبة وأنه الخيانة الكبرى بل أكبر من الخيانة المحرمة, حتى أن بعض النساء هداهن الله، يكتبن في أسئلتهن حول الموضوع أنهن يفضلن أن يقدم أزواجهن والعياذ بالله على الحرام على أن يأتي لهن بزوجة ثانية. أعتقد أن هذا كله من نتائج وسائل الإعلام التي تظهر الرجل الذي يتزوج أكثر من زوجة واحدة على أنه بشع وسيء وجاهل ومتخلف ولا يحسن المعاملة ولا تظهره حسن المعاملة وحسن الخلق.

خلاصة الأمر، أن أمامنا شريعة جاءت لتصلح أمرنا في أعلى مراتب الصلاح، فإن اتبعنا أهوائنا حتى في الأخذ بالشريعة أسأنا .فالذي يتبع الشريعة على أنها مجرد التعدد يخطئ، والذي يتجنب الشريعة ويأخذ ما تهواه نفسه أيضا يخطئ، ولكن إذا أخذنا الفهم الصحيح للشريعة فان كل المشاكل التي نواجهها في حياتنا اليومية تضمحل. والمعروف أن مجتمعاتنا تعاني من كثرة عدد النساء على الرجال، ومن مشاكل عديدة نتيجة لزيادة نسبة العوانس والمطلقات، إضافة إلى لجوء البعض إلى وسائل بديلة مثل زواج المسيار والزواج العرفي والتي فيها اختلاف بين أهل العلم بسبب احتمال عدم وجود حسن تعامل مع الضوابط الشرعية في الأمر.

وهل يحل للرجل أن يتزوج باثنتين أو أكثر بحيث تكون كل زوجة في بلد ولا يأتيها إلا كل عدة شهور؟

إذا رضيت كلتا الزوجتين أن يغيب الزوج عن كل واحدة مدة من الزمن ووثق هو في أخلاقها ودينها، فالأمر جائز، إذ أن الحقوق تسقط بالتراضي. فلو وافقت الزوجتان وكانتا على دين وخلق، فان ذلك يصح. ولو أن الأمر سيختلف بين الزوجتين وكان على الزوجة الثانية الانتظار حتى يأتيها الزوج كل ثلاثة أو أربعة شهور مرة ووافقت على ذلك، فان ذلك يجوز، وهو خير من أن يقدم الرجل على أمور أخرى.

© 2014 TABAH WEBSITE. All rights reserved - Designed by netaq e-solutions