للأعلى
18-يوليو-2002

لقاء صحيفة عكاظ السعودية

تعاونا وليس تنافسا

بداية..هل يمكننا أن نتعرف منكم على البدايات في القاهرة ؟ وكيف استطعت في وقت قصير أن تكون نجما ينافس الدعاة المصريين مثل عمرو خالد وخالد الجندي؟

الحمدلله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد فالبداية كانت بتوفيق الله سبحانه وتعالى في التردد على مصر للاستفادة ثم انفتحت أبواب الاستفادة بالإفادة والتقرب إلى الله بإفادة من يستمع ، لقد كان الأمر مجرد نقل ما استفدناه من مشايخ مصر وعلمائها إلى عامتها وأهلها، فهو من باب ( هذه بضاعتنا ردّت إلينا ).

الأمر الثاني وهو القبول أو الأثر، وهذا ليس من صنع أحد من البشر إنما هو بتوفيق الله عز وجل، إلا أننا قد تعبّدنا ببذل بعض الأسباب في ذلك، كمراعاة مخاطبة الخلق من منطلق الحاجة إلى أن يكرم الله المخاطب بانتفاع المخاطب، لا من منطلق أن المخاطب لديه شيء من التفوّق أو الأفضلية على الذي يسمع، فلا نرى أننا أفضل ممن نخاطب وهذه شؤون لمسناها وفهمناها ووجدناها في شيوخنا. وهناك ملحظ ينبغي أن نتنبه إليه، هو أن الفرق بين الأعمال الدنيوية وخدمة الدين،هو أن الأعمال الدنيوية يصح أن يقال فيها : النجومية والتنافس وما إلى ذلك لكن خدمة الدين هي تعاون وليست تنافسا، وعبودية وليست ذاتية. ومصر أكرم الله أهلها بقوة عاطفة تجاه الدين ومحبة للحبيب صلى الله عليه وآله وسلم وكان لها الأثر الكبير في قوة الاستجابة.
وكل داعية يجري الله على يديه أثرا واسعا في مجتمعه وأمته، حري به أن يكون صادقا مع الله عز وجل وسيرى توفيق الله عز وجل له.

لم أخالف الشروط

سبق أن تعرضتم لموقف مشابه وقيل أن تدخل مسؤولين سياسيين حال دون الترحيل.. ماذا حدث بالضبط ؟

لم يحصل هذا، لكن عند الدخول إلى مصر آخر مره، أخبرت أنني في قائمة الممنوعين من الدخول فاستجبت مع أن الأمر كان مستغربا من جهة ومن جهة أخرى غير مستغرب لأن كل من يخدم دين الله ينتظر ما هو أكثر من ذلك، وألا يحاول أن يلقي باللوم على الغير، بل يبحث عن دواخل نقص الإخلاص في نفسه. وعندما عدت إلى الإمارات جاءني خبر بالهاتف بأن المسألة فيها لبس ورجعت إلى مصر وفـي نهاية الرحلة ( الخميس الماضي) وكان سفري مقررا يوم الجمعة فوجئت عصر الخميس بمن يأتيني من ضباط الأمن وهم على قدر كبير من الأدب والاحترام وحسن التعامل مع من ينتسب إلى خدمة الدين واختلوا بي وقالوا لي مطلوب أن تغادر البلاد، فقلت حبذا لو تبلغون من وراءكم أني مسافر يوم غد الجمعة فهاتفوا من وراءهم فجاء الرد أنه من الأفضل أن تسافر الليلة، فلم أسأل عن المبررات ولم أحاول البقاء لان الرحلة أصلا كانت في نهايتها ولعلمي أن من وراء ذلك حكمة يريدها الله فاستجبت إلى ذلك مع شدة استغرابي لأن دخولي كان بعلمهم وحتى المجالس كانت تعقد بعلمهم أيضا ومع هذا نقدر أن لكل بلد ظروفه، أهلها أدرى بها. أما مخالفتي لشروط الإقامة في مصر فإنني مثلكم قرأتها في الصحف، وفوجئت بها ولا أتذكر أن هناك شيئا بعينه قد خالفت فيه قانونا أو أمرا طلب مني ألا أعمله فعملته من حيث قوانين البلد أو ترتيباته وأتمنى أن أبصر بذلك إذا كان هناك شيء خطأ قد ارتكبته والرجل يرجع عن خطئه إذا أخطأ.

جدولي مكثف

اقلتم أنكم أبلغتم السلطات المصرية برغبتكم في المغادرة كونكم أنهيتم جميع ارتباطاتكم في مصر.. ما هي هذه الارتباطات ؟

لست مستقرا في مصر، إنما أتردد عليها ثلاث أو أربع مرات في العام حسب التيسير، وفي كل مرة لا بد من نهاية للرحلة وهذه الرحلة أطول الرحلات، فقد مكثت أكثر من الشهر وكان من الطبيعي أن أرجع إلى الدورات في (تريم) باليمن عند شيخنا الحبيب عمر بن حفيظ في دار المصطفى وبعد ذلك نتهيأ للدورة التي نقيمها لأبناء الغربيين الذين يأتون في الصيف، ثم الخروج في رحلة إلى الغرب وبعد ذلك ألبي دعوة وصلتني من سماحة مفتي لبنان ودعوة أخرى من علماء السودان، وهناك جدول لا بد أن التزم به في المرحلة المقبلة، وهذا سبب إنهاء الرحلة لا غير والارتباطات في مصر هي مجالس العلم والذكر وتسجيل دروس للقنوات الفضائية.

الأسباب في داخلي

إذا لم تكن مخالفة شروط الإقامة هي السبب.. فما هو السبب الحقيقي في نظركم ؟

علمني مشايخي في مثل هذه الأمور أن أبحث عن الأسباب فيّ لا فيما حوالي، ابحث عن جوانب التقصير أو ضعف الإخلاص مع الله عز وجل، وإن فتح لي باب رجاء أقول لعله إرث أراد الله عز وجل أن يكرمني به، لأنه ما من صادق في خدمة هذا الدين إلا وقد تعرض للأذى.

الوسطية

يبدوا أن نهجكم يعتمد على التيسير.. هل هذا التصنيف صحيح في نظركم ؟ وهل ما يقال عنكم بأنكم صوفية صحيح ؟

التيسير مصطلح واسع وفضفاض، التيسير المعتبر شرعا هو القائم على الرجوع إلى الأحكام الشرعية، وما خير الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن فيه معصية. أما التيسير بمعنى تطويع النصوص لجعل الدين مطية لتبرير واقع الناس، فليس هذا من الدين في شيء أو من نهجنا أو في الفهم الذي تلقيناه عن شيوخنا. أما مسألة التصوف، فلا أجد حرجا أن أقول إن المدرسة التي تعلمت فيها هي مدرسة تصوف، ولا أدعي أنني قد أصبحت صوفيا.

الفـن

ما هي قصتكم مع الفنانات المعتزلات؟

ليست قصة بقدر ما حصل شيء من التهويل الإعلامي للمسألة، ربما لأن الإعلام اعتاد أن يركز على الفن، صار أدنى شيء يكبر ويضخم.

لم أسع إلى اعتزال أحد ولم أطالب أحدا بالاعتزال، الأمر وما فيه أن بعض الأشرطة وصلت إلى عدد من الفنانات ثم أوجد الله في قلوبهن أثرا. هذا الأثر،كان سببا في أنهن يقررن الاعتزال وترك هذا المجال، وبعضهن حضرن عددا من الدروس وحصل عندهن شيء من الإقبال، وعدد منهن لم يعتزل، لكن تحويل المسألة من قبل بعض الإعلاميين الآخرين إلى طبل.. يطبل به أعتقد أنه يحتاج إلى شيء من التعقل عند الناس.

ثم أمر آخر نحن نتكلم الآن عن حرية الرأي والاختيار لماذا الحرية مكفولة لكل الناس إلا للفنانين، الآن نسمع من بعض الذين يهاجمون اعتزال الفنانين من ينتقد وجود حد الردة في الشريعة، ويقول ينبغي أن تبلغ الحرية إلى حد أن يغير الإنسان دينه، فإذا كانوا لا يرون شيئا من تغيير الدين، لماذا يمانعون من تغيير المهنة؟ هذا تناقض في الطرح الذي يحصل اليوم، والفنانون مثل غيرهم من الناس مسلمون مؤمنون، لهم قلوب تريد فضل الله عز وجل وتقبل عليه، وفيهم من الخير ما لا يتصوره كثير من الناس، ولو وجدوا من يحسن مخاطبة الخير الذي في نفوسهم، لأبرزوا للأمة نفعا كثيرا وخيرا كثيرا.

على أن الفن الراقي الملتزم بالأخلاق في ذاته ليس بحرام، لكن ما يطرأ عليه من بعض الممارسات أو من بعض الصور التي تحصل هي التي تورثه الحرمة، وهي طارئة عليه، أيضا هناك تعامل المجتمع مع الفنانين أضر بالمجتمع وبهم فقد تعود الناس على تطرّفين، تطرّف يصفق للفنان على الخطأ فيزيد من تمسكه به، وتطرف يخرج الفنان من الملة ويعطيه فسحا بدخول النار، فيزيد من تثبيطه وتمسكه بما هو عليه، ويزيده بُعدا ونفورا من الدين.

مغادرة مصر

هل تعتقدون أن نجاحكم في إقناع هؤلاء الفنانات بالاعتزال هو السبب في مغادرتكم لمصر ؟

يمكن أن تسألوا السلطات المصرية هذا السؤال، وأقول أن لديهم من الفهم والعقل ما ينأى بهم عن مثل هذا التصرف لا سيما أن مسألة الاعتزال لم تتم في هذه السفرة وقد ترددت بعدها عدة مرات ثم أن الذي أراد الله له الاعتزال سيعتزل، فهذا مرتب سماويا من الله سبحانه وتعالى، وقرار الاعتزال وترك الشهرة ليس بالأمر السهل، ثم أنه اتخذ قراره بعد عدة خطوات وربما تكون المحاضرة التي سمعها إنما هي تتمة أعانته على اتخاذ القرار، وهذا ما سمعته من عدد من الذين اعتزلوا من الفنانين الذين جاءوا وجلسنا إليهم.

لا خلاف مع الجندي

اختلفتم مع الشيخ خالد الجندي حول التوسل بالأنبياء.. فقد قال أن هذا ليس من صحيح العقيدة.. فهل يمكن أن يكون هذا أحد الأسباب؟؟

أولاً مسألة التوسل في مصر منتشرة ولم آت بجديد فيها، وهو الأصل الذي عليه الأزهر في الألف السنة التي مضت.

وثانيا الشيخ خالد الجندي نحترمه ونقدره وبيننا وبينه من الود وتبادل الاستفادة الشيء الكثير، وقد خضنا في هذه المسألة قبل أن يكتبها، ونقلت له أنه يفضل ألا يطرح ذلك على مستوى الصحافة، وإنما يكون عبر النقاش العلمي، وقد أحلته إلى مراجع وكلمته والذي تبين بعد المقالة التي كتبها أنه لم يطالع المراجع التي أحلته عليها.

والتوسل من المسائل الخلافية وهي في إطار الحلال والحرام، وليست من مسائل العقيدة.

أما أن يكون لهذا الخلاف علاقة بقرار مغادرتي، فهذا لا أعتقد أنه صحيح، لأنني لا أعتقد أن هذا هو منهج الشيخ خالد الجندي في التصرف، وقد بلغني أنه تحدث في القناة التي يظهر فيها على الهواء، وأبرز شدة أسفه مما جرى من أمر مغادرتي للبلاد..

المملكة العربية السعودية

أخيرا.. ما هو سبب مجيئكم للمملكة ؟ وما هو برنامجكم للفترة القادمة ؟ وماذا عن القنوات الفضائية ؟

أنا من مواليد المملكة، و والداي يعيشان بها وجئت لزيارتهما، والقيام بواجبي نحوهما، وقبل هذا آتي لأداء العمرة والصلاة في الحرمين الشريفين وزيارة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم.

وسأتوجه اليوم الخميس إلى أبو ظبي وأبدأ في العمل بالجدول المعد لزياراتي وسفراتي التي أوضحتها لكم من قبل. وسوف أعود لـ (تريم) بحضرموت لأنني لم أنقطع عنها، وهي مقر إقامتي، والتقرب إلى الله بخدمة الدعوة بها.

أما من ناحية القنوات الفضائية لتقديم برنامج لها، إذا وجدنا أن هذا البرنامج يتناسب مع المنهجية والكيفية التي نرغب في طرحها، فأننا سوف نشارك فيها.

© 2014 TABAH WEBSITE. All rights reserved - Designed by netaq e-solutions