للأعلى
28-أكتوبر-2008

لقاء صحيفة الثورة اليمنية

من خلال زيارة جنابكم مؤخرا بقيام زيارة للولايات المتحدة هل وجدتم أن هناك فارقاً في تعامل الناس في نظرة الناس لكم كمسلمين خبراء وهل أنتم ركزتم على أشياء معينه خلال هذه الزيارة في أحاديثكم سوى إبراز سماحة الإسلام، يعني مالذي كان بالضبط ؟

الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد و على آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وبعد:

فإن الرحلة التي مضت للولايات المتحدة كان من مقاصدها التسبب في بسط بُسُط الهداية في تلك الجهات بحسب المستطاع وحسب ما يكرم الله تعالى به من فضله، كان الخطاب موجها إلى المسلمين وإلى غير المسلمين وكانت هناك مجالس عقدت للمسلمين منها ماهو في المساجد ومنها ماهو في المراكز ومنها ما هو في الجامعات ومنها ما هو في بعض القاعات وفيها ما هو في بعض البيوت، وكان الخطاب موجها إلى شريحة كبيرة من الشباب من أبناء المسلمين الجيل الثاني والثالث المهاجرين أو أبناء غير المسلمين الذين أسلموا ودخلوا إلى الإسلام في ربطهم برسوخ في فهم حقيقة صلتهم بهذا الدين على أساس ربط قلوبهم بالله وترشيد وجه أخذهم للعلم الشريف على أسس صحيحة وتوسيع دائرة فكرهم في التعامل مع ما يحيط بهم وهم في مرحلة حرجة وموطن حرج ومع الكبار ومن الآباء والأمهات والشباب ليفقهوا مهمتهم في تربية أبنائهم في مثل هذا الواقع الذي من شأنه أن يذيب الشخصية المسلمة إذا لم تفقه مهمتنا وإخراجهم قدر المستطاع أو إخراج من يقدر الله إخراجه منهم من قوقعته أو ضيق التفكير في كيفية السلامة والحفظ لأنفسهم ولما يملكون من الهجمات أو من المشاكل التي قد يتعرضون لها هناك إلى مرحلة التفكير في نشر نور الإسلام والهداية لأولئك الآخرين الذين قد يكون فيهم من يضرهم أو من يتعدى عليهم لأن تحول المسلم هناك من مرحلة الخائف المتربص الذي يحاول أن يسترضي من حوله طلبا ً للسلامة إلى مرحلة صاحب الفكر والمهمة التي ينبغي أن يؤديها في نشر الهداية والخير في المجتمع الذي يحيط به و ذلك من أعظم الوسائل لتثبيت المسلمين والحفاظ عليهم وأيضا يأتي بثمار كبيرة فيما يقبل من الأيام فيما يتعلق بأحوال المسلمين في أرض المسلمين أنفسهم أما في مسألة نظرة الغير فقد تعبدنا الله عز وجل إلا نلتفت إلى نظرة الغير لنا وإنا أصحاب مهمة ينبغي أن نؤديها عندما حصل العزم على السفر الكثير من الناس حاولوا أن يثنونا عن السفر كانوا يقولون المسألة فيها خطر كبير والأوضاع الان شديدة وستأتيكم ذكرى الحادي عشر من سبتمبر وأنتم هناك والناس متغيضة على الإسلام وقد تؤذون إما من النظام وإما من الشعب وإذا لم يؤذيكم النظام سيؤذيكم الشعب وإذا لم يؤذيكم الشعب فسيؤذيكم النظام .

كنا إذا تكلموا مثل هذا الكلام نتذكر ماعلمنا أشياخنا رضي الله عنهم ونفعنا بهم من أن الإنسان أولا إذا أراد أن يخدم الدين لا ينبغي أن يبحث عن السلامة وإنما ينبغي أن يبحث عن كيف يخدم لا كيف يسلم السلامة الدنيوية بل ليسلم السلامة الأخروية الأمر الثاني أن هناك شيء ينبغي أن نبحث عنه وهو اليقين بالله عز وجل فيما وعدنا به النبي صلى الله عليه وسلم من التحصين بأذكار الصباح والمساء حتى لما رجعت لمن أستشيرهم من شيوخنا سيدنا الحبيب عبد القادر بن أحمد السقاف وشيخنا وسيدنا الحبيب عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ، لما شاورت هذين الشيخين الجليلين وجدت منهم التشجيع والحث. نعم أخرج هذا وقت خدمة الدين إن لم نتحرك الآن فمتى يكون التحرك إلى خدمة الدين فلما ذهبت هناك أول ماقابلني في المطار معاملة فيها شيء من الاحترام ومن الإجلال وكان معي أحد الشباب المسلمين الأمريكيين الذين يطلبون العلم الشريف ولهم همة في الدعوة إلى الله كان يترجم.

غاية الأمر أن فتشت الشنطة الخاصة بأوراقي تفتيشا دقيقا ولا أعتقد هذا أنه سيزعجني لأني ليس عندي ما يمكن أن أنزعج من أن يراه الغير، ثم لما وصلنا إلى هناك لاحظت مع أننا تنقلنا كثيرا بين الولايات حول تسع ولايات أو أكثر بالطائرات أن المعاملة لا تتجاوز التفتيش الدقيق عند ركوب الطائرة هناك تفتيش دقيق بشيء من الأدب، لاشك أن هناك أفراد في نظراتهم بشي من التغيظ أو من البغض أو من الخوف أحيانا لكن عموما وجدت في المعاملة الحد المعتدل يعني أفضل مما كنت أتوقع مما سيلاقينا، لاشك أن هذا بفضل الله وببركة الأذكار والأوراد التي تقرأ في الصباح والمساء، أما بالنسبة للناس فالأمر مختلف تماما بالنسبة لهم كشعب لاشك أن هناك أعداد ينظرون إليك نظرة اتهام هناك من ينظر إليك نظرة خوف لكن النظرة العامة نظر التأمل وإرادة فهم وهذا الشيء الذي يخفى علينا هنا أن الشعب الأمريكي الآن يمر بمرحلة عنده فيها من الاستعداد لأن يستمع إلى الإسلام على نحو لم يسبق له مثيل لأنه شعب تعود ألا يهتم إلا بالشيء الذي يمسه فالإسلام بالنسبة له في السابق كان يعتبر شيئاً من كمال ثقافة إرهاب.. غير إرهاب.. صحيح.. غير صحيح.. المعلومة خاطئة.. غير خاطئة.. لاتهمه لا تعنيه بشيء لأنه لا يمس حياته كفرد كشعب ولكن لما أصبح الإسلام يمس حياته فيما صاروا يسمعونه من وسائل الإعلام من تحويل الواقع الذي يعشونه من الأزمة التي مرت بهم إلى ربطه بالإسلام صار كلما ذكر الإسلام تتنبه الأذهان وتشخص الأبصار وتنصت الأذان، هي فرصة على ما أعتقد قويه إذا وجد من الدعاة من يحسن التخاطب مع الغير بأسلوب يحفظ فيه ثوابتنا وأسسنا فلا نطوع ولا نلوي أعناق نصوصنا ولكن في نفس الوقت بالخطاب الذي يفقهوه هم، الذي يتناسب مع طريقة تفكيرهم.

فهي فرصة من أحسن الفرص للكلام لنشر الإسلام أما المواضيع التي تُكلم بها فمع المسلمين تثبيتهم والخوض معهم في تقوية يقينهم في دينهم وعظمته في إشعارهم بمهمتهم التي ينبغي أن يقوموا بها في تفكيرهم بالحفاظ على أبنائهم من أن يذوبوا في المجتمع الذي يحيط بهم، والخطاب مع غير المسلمين توضيح الصورة المشوهة عندهم عن الإسلام وعدم الإكتفاء بالخطاب من منطلق الدفاع بل تجاوز ذلك إلى الخطاب عن الإسلام من منطلق دعوتهم هم إلى الإسلام لأن في الإسلام حلولاً لمشاكلهم هم، من الخطأ الذي يقع فيه البعض أن يتكلم مع غير المسلمين لاسيما الغربيين لاسيما الذين في أمريكا من منطلق “لا، الإسلام ما هو إرهابي.. الإسلام دين طيب.. الإسلام سمح.. الإسلام دين السلام”. طيب، صححت المعلومة وانتهت المسألة ماهو أفضل ما ترجوه من هذا الكلام؟ أن يقتنع بأن الإسلام ليس بإرهابي فتسلم، أنت ما أديت دورا إذاً، لكن ينبغي أن تطالبه هو أن يسلم، تشعره بمدى حاجته إلى الإسلام في حياته، مشاكلهم الاجتماعية مشاكلهم النفسية مشاكلهم الروحية مشاكلهم حتى الاقتصادية، اليوم الفرد الأمريكي يعيش مشكلة كبيرة في حياته، الغالبية منهم، وهذا على أساس إحصائيات أقيمت هناك الغالبية من الأمريكان لا يستطيع أن يملك بيت إلا بعد أن يصل إلى الستين و السبعين من عمره مع أنها من أغنى دول العالم وأقدرها اقتصاديا ومع ذلك الفرد يعيش أزمة في حياته، فلو بدأت تتخاطب معه من منطلق أن الإسلام وفر الحل لمثل هذا الأمر أن الإسلام وفر وسيلة للتعايش تجعل الإنسان يعيش حياة غير معقدة كالحياة التي يعيشونها الآن عندما نخاطبها في علاقات الأسرة وهم يعيشون تمزقا في الأسرة إلى حد بعيد مع أن فيهم قلوبا وفيهم أنفسا تريد أن تتحول إلى ما هو أحسن من ذلك، فنتجاوز عقبة أنه لن يتقبل مني وأنه ينظر إلي نظرة إرهابي إذا علم أني أحمل منهج هم محتاجون إليه العالم كله محتاج إليه، ومخاطبتهم من هذا المنطلق بما يتناسب مع فكرهم له الأثر الكبير في نفوسهم، فعلى سبيل المثال كانت هناك محاضرتين في جامعتين هناك في كاليفورنيا محاضرة في جامعة ساندياجو ومحاضرة في جامعة سانتاكلارا كانتا بعنوان مفهوم الجهاد في الإسلام فلأنّا سألنا ما هو أبشع شيء يعرفونها عن الإسلام فقالوا الجهاد، هذا هو أبشع شيء يسمعون به عن الإسلام ثم قضية المرأة، فقلنا هاتوا أبشع شيء محاضرة عن الجهاد وكان في ساندياجو الغالبية من غير المسلمين في سانتكلارا، المدرج كان ملآن أكثر من خمسمائة -من خمسمائة إلى ستمائة تقريبا- الحاضرين ونحو الثلث أو أكثر من غير المسلمين وفيهم أساتذة في الجامعة في دراسة الأديان، الحمد لله كان هناك تقبل كبير لصورة الجهاد ومفهوم الجهاد، ولم نحور مفهوم الجهاد ولم ننفي وجود الجهاد ولم نقل الجهاد جهاد النفس فقط، أخبرناهم أن الجهاد معنى واسع يدخل فيه جهاد النفس.. جهاد الاقتصاد.. جهاد السياسة.. جهاد القتال أيضا، وأعطينا وطرحنا وجهة نظر الإسلام في القتل إذا احتيج إلى القتل وهي مسألة حساسة جدا في نفسية الأمريكي لأنه فهم أن القتل الذي حصل له من منطلق الجهاد فكانت النتيجة أنهم أجمعوا على أن الجهاد مفهوم سامي وفي يوم 11 سبتمبر كنا في جامعة جامعة كاليفورنيا الجنوبية في لوس انجلس حتى كتبوا مقال في مجلة الجامعة عن هذه المحاضرة، كان اسم المحاضرة الإسلام دين السلام ولم يكن الكلام أن الإسلام لا يدعوا إلى القتال، من ضمن الكلام ذكرنا لهم القتال ولكن القتال عندنا في الإسلام لإحلال السلام لردي المعتدي لكفاية المستبد للدفاع عن النفس والعرض والدين والأرض لإبعاد من يحجب الهداية عن طريق الناس فوجد أن الناس يتقبلون مثل هذا الكلام، جاءت أسئلة في محاضرة في جامعة ميامي عن المرأة وهنا لم نحاول القول: “لا أبداً.. الإسلام ما قال أن المرأة تسمع كلام الرجل وهذا زيادة”، أبداً قلنا بلى الإسلام قال ترجع إلى الرجل في بعض الأمور.. الإسلام كذا وكذا وكذا.. لكن وجهة نظر الإسلام كذا وكذا.. فوجدنا التقبل بفضل الله في هذه الجامعة جامعة ميامي، عجوز فوق السبعين من عمرها أسلمت كانت مثقفه هناك من المثقفات اللاتي يشاركن في المناسبات هذه ففي نهاية الأمر أسلمت بعد سؤالين طرحتهما، في المقابل بنت مسلمة من أبوين مسلمين كانت تناقشني حول مسألة حقوق المرأة لعدم الاعتناء من قبل أبويها بتعليمها ماهو المفهوم الصحيح أو وجهة نظر الإسلام أو ماهوالخطاب الرباني الذي توجه في إصلاح الرجل وإصلاح المرأة.

في إحدى الحوارات الصحفية قلت لي عن قيام المؤمنين في الليل يتوجهون إلى الله ويسألونه أن يرفع البلاء عن الأمة.. ما أشد البلاء الذي تعاني منه الأمة اليوم؟ وما فضل قيام الليل؟

أشد البلاء انقطاع القلوب عن الخالق جل جلاله، انصراف القلوب عن الخالق جل جلاله هو أشد البلاء وهو أصل البلاء ثم جاء لهذا الأصل فروع من حصول المعاصي والذنوب والتخلف عن الطاعات والتقاعس عن أداء المهمات التي كلفنا الله بها والتي شرفنا بها سبحانه وتعالى وبأدائها وتفرع عن هذه الفروع فروع الفروع وهي المصائب هي التي فقط نفهمها اليوم احتلال أراضينا، إهراق دمائنا، استنزاف أموالنا وخيراتنا، ظلمنا الذي نعاني منه الاستبداد الذي يحصل علينا هذه فروع الفروع من أصل المصائب كلها وهو انصراف القلوب عن الله فإذا أحيت الأمة معنى قيام الليل والتوجه إلى الله بصدق في أن يرفع البلاء عن الأمة صرفت قلوب الأمة إلى الله وإذا كثروا في الأمة من تنصرف قلوبهم إلى الله في سرائهم وضراءهم نظر الله إلى الأمة وإذا نظر الله إلى الأمة أصلح الفروع إذا صلح الأصل استقام الفرع وقلّت المعاصي والذنوب وقام الامتثال لأمر الله بين المسلمين وانتهضت الأمة لفقه مهمتها وأدائها وعند ذلك فروع الفروع تحصيل حاصل أن تنتهي إن لم تنتهي سلما ستنتهي حرباً وسينصرنا الله عز وجل.

يتحدثون عن الحوار أو صراع الحضارات لكنك تحدثت عن الفشل في إيجاد حوار داخل حضارة من حضارات المسلمين، وهل نحن قادرون على حوار الحضارات الأخرى. قلت لي أننا بحاجة إلى وقفة صدق. كيف تكون هذه الوقفة حتى تكون صادقاً؟

أن نخرج من حيز الخلط بين الخطاب أو بين الحديث و الخوض في الشؤون التي تمس صلتنا بديننا وتمس واقعنا وتمس امتنا، بين ما نريده نحن من هذا الحديث من أمور تعود بفائدة على أشخاصنا وبين الكلام عن هذه الشؤون من منطلق إرادة النفع أو إرادة الخدمة أو إرادة رضا الله عز وجل إذا ترسخت هذه القاعدة وصرنا إذا خضنا في الأمور التي تمس صلتنا بديننا وربنا أو بأمتنا أو واقعنا من منطلق إرضاء الله عز وجل بالسعي في إصلاح أحوالنا وأضفنا إلى ذلك نقطة ثانية وهي تصحيح فهم المرجعية التي على أساسها نتحاور وأضفنا إليها نقطة ثالثة وهي إقامة أدب الحوار ومنطق الحوار الصحيح الذي يقوم على الأساسين الماضيين دون أن تتدخل التفوقات في القدرة على الإبلاغ أو إيصال الرأي أو فرض الرأي أو الإقناع بالرأي بالوسائل المتاحة ودون أن نجعل المصالح الصغيرة الطارئة التي تطرأ علينا تفرض وجودها في الحوار فعند ذلك سنصل إلى خير كبير، ثم هناك أدب إذا أضفناه ليكون رابع قواعد الحوار وهو احترام بعضنا البعض أو بمعنى أرقى يتناسب مع المدلول الرباني الأدب مع الله في نظرتنا إلى خلقه، ثم إذا أضفنا أدبا خامسا وهو قبول احتمال الخطأ منا عندما نحاور واعتقاد إن العصمة للدين لا لفهمنا نحن للدين، والتفريق الدقيق المهم الكبير بين النظرة إلى خطابنا عن الدين على انه هو الدين والنظرة لخطابنا عن الدين على انه هو فهمنا للدين وإقامة الأمر على هذا الأساس من باب قوله سبحانه وتعالى على لسان امرأة العزيز (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء)، اعتقد أن الأمر سيخرج بحلول عظيمة للأمة هذه خمسة أسس لإقامة الحوار الإسلامي فيما بيننا البين في جسم المسلمين سوى المتحدثين عن العمل الإسلامي أو عن الدعوة الاسلامية أو المسلمين المتحدثين عن نهضة الأمة أو إنهاضها أو المسلمين الذين حتى لنا رأي فيما يطرحونه من مفاهيم خاطئة أو مباينة لفقه عظمة الإسلام وما ينبغي أن يكون من صلتنا بالدين في جميع جوانب الحياة.

نحن لا نخرج أحد من هؤلاء عن الإسلام إلا إن أتى بسبب من أسباب الردة صريح، كلهم نعتبر أنفسنا وإياهم من المسلمين إذا اجتمعنا نحن وإياهم متجردين عن العوارض هذه التي تأتي وتكلمنا من هذا المنطلق فأعتقد أن الحوار سنصل به إلى شيء كبير، ثم من ثمرة هذا الشيء الكبير يمكن أن نحاور الغير، أما أن نحاور الغير ونحن لم نصل إلى نتيجة في الشيء الذي سنحاور الغير عليه نحن ما اتفقنا على المبدأ الذي سنحاور به غيرنا، فإذا ستحاور الأمم الأخرى أو الحضارات الأخرى من أي منطلق سنحاور؟ هل من منطلق فهم العمل الإسلامي الموجود في الساحات اليوم أي أنواع العمل الإسلامي أو الفكر الإسلامي أو الدعوة الإسلامية أم من منطلق عزل الدين عن الحياة اللادينية التي تسمى أحيانا العلمانية أم من منطلق المصلحة الاقتصادية أو السياسية، من أي منطلق سنحاور؟ فيجب أولا أن نصل إلى من نحن الذين سنحاور وما منطلقنا الذي سنحاور منه وعندها سيكون الحوار مفيدا أو مجدياً، هذا الأمر ينبغي التنبه له.

كثيرا ما يحدثنا الحبيب عن حوار العقل والقلب معا. كيف يكون ذلك؟

الأصل القلب لأنه محل نظر الرب (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم) وعمود على هذا الأصل العقل (أفلا يتدبرون) (لعلكم تتفكرون) فإن أقيم الأساس وأقيم العمود صح البناء ولا تعارض قط بين العقل والقلب.

الذي يحصل من توهم التعارض هو إما اضطراب في فهم معنى الخطاب القلبي أو اضطراب في فهم معنى الخطاب العقلي فكلاهما له صلة بالأخر.

العقل يرتكز على القلب والقلب يدير الإنسان بالعقل، فلو صح هذا الفهم لاستقام تلقي الخطاب ولاستقام الخطاب العقلي القلبي في الأمور، القلب ارتباط بالله ورجوع إليه وامتثال لأمره وتحقق بالعبودية له، والعقل آله أعطانا الله إياها لنفهم به خطاب الله فنأخذ هذا الخطاب لنلزم به أنفسنا وندير به شؤون حياتنا.

ماهو زاد الداعي؟

الصدق، اليقين، قوة الصلة بالحبيب صلى الله وسلم عليه وعلى آله والارتباط بمن سبق بأهل الصدق الذين أخذوا بسند صحيح متصل جيلا عن جيل علما وسلوكا أي عقلا وقلبا.

من خلال محاضرتكم الدينية الخاصة بالنساء، كيف وجدتم فهم المرأة لدينها؟ من خلال الأسئلة التي تطرحها هل ناقشن قضايا جديرة بالاهتمام ؟

الحقيقة لمست أن كثير من القضايا التي طرحت أو كثير من التساؤلات تدل على أن نساءنا اليوم عندهن وجهة إلى انتهاضة كبيرة في فقه حقيقة صلتهن بالله وحاجتهن إلى ذلك وفي فقه مهمتهن فيما يقبل عليهن في البيت وفي البلاد وفي العالم بقي فقط أن نخفف عليهن وطأة الإزعاج الناتج عن الدوي الذي يحصل اليوم حولنا من جراء الأصوات التي في خارجنا حول المرأة وحقوق المرأة وحرية المرأة ومساواة المرأة، نخفف عليهن هذا الضجيج ليفهمن أولا المفهوم الراقي العالي لمهمة المرأة في الإسلام ثم بعد ذلك من خلال هذا المفهوم يسهل أن تتعامل مع أي خطاب بعد ذلك يتوجه إليها.

هل يحتاج العالم الإسلامي إلى الداعية؟

نعم العالم الإسلامي يقوم على الرجل وعلى المرأة لأن الرجل والمرأة عليهما قوام المجتمع الإسلامي لأسرة فنحن نحتاج إلى الداعية ليست داعية واحدة أو اثنتان أو ثلاث أو عشر أو من يملأن المجالس بالوعظ نحن نحتاج من كل أم أن تكون داعية لتفقه كيف تخرج أبناء نحن نحتاج لكل أم أن تدعوا أبناءها إلى الله سبحانه وتعالى في تنشئتها وتربيتها، فمن باب أولى نحن نحتاج إلى الداعيات الأخريات اللاتي يقمن بتفقيه النساء وتفهيمهن وربطهن بالله وتذكيرهن.

من خلال ما جاء لزيارتكم للولايات المتحدة وأوروبا ما أكثر ما يركز عليه المسلمون حديثي الإسلام؟

حاجة قلوبهم إلى تذوق حلاوة الإيمان فهم يأتون إلى الإسلام هناك مستغيثين وهاربين من شدة ظلم المادية التي يعيشونها، فلاتجلبهم كثرة الفلسفات والتنظيرات ولا تجلبهم بهرجة الأفكار والشهادات لأنهم قد ملّوا من هذا الشأن، الذي يلقى إلينا من ما نبهر به هو زبالة ما عندهم لكن الشئ الذي يهز قلوبهم ومشاعرهم فيجعلهم يسارعون هو خطابهم بما يربطهم بالله سبحانه وتعالى على نحو لا يحول بينهم وبين استمرار حياتهم، فهم يسمعون في دور العبادة عندهم كلام عن اللاهوت وكلام عن الملكوت ولكنهم يرون أن الكلام عن الغيب وعن الروحانية في معابدهم التي يذهبون إليها يحصرهم على ساعة يذهبون إليها في يوم من أيام الأسبوع ولكن بقية شؤون حياتهم الأخرى منقطعة تماما إذا دخل أحدهم إلى مكان عبادته في الدين الذي ينتمي إليه كأن لا دنيا، وإذا رجع إلى حياته كأن لا دين، فهم بحاجة إلى الخطاب الروحي الذي يجدونه في السوق أيضا، يجدون صلتهم بربهم أو وصل قلوبهم بالله في أثناء السوق وفي أثناء النوم وفي أثناء الزواج وفي جميع جوانب حياتهم وهذا الذي يجتذبهم.

مع قدوم شهر رمضان المبارك ما هي أحب الأعمال إلى الله في هذا الشهر؟

 قراءة القرآن مع التدبر وقيام الليل والإلحاح على الله تعالى بالدعاء واستشعار الرحمة ومحبة الخير للآخرين والحرص على إيصاله إليهم وتفقد الفقراء والمساكين.

مع انشغالك بالعمل الدعوي وترحالك وتنشئتك لهؤلاء الشباب ماذا خصصت للأبناء وللأسرة، وما واجب الآباء حول أبنائهم؟

الواجب تجاه الأولاد والبنات والأسر. ربما يكون سؤال محرج بالنسبة للفقير لكثرة التقصير الذي أجده من نفسي بكثرة الأسفار التي تحصل، غير أن ميزة البيئة التي عندنا في تريم أن الإنسان يشعر وإن غاب أحيانا غيابا كبيرا عن أهله وأولاده أن البيئة تربي ولده، إذا خرج في الشارع كل واحد من هؤلاء الإخوان يراه ولده وهذا أمر كان متفشي في بلدان المسلمين فله دور مهم في ترقية هذا الولد إذا رآه، بل أحيانا الذي يقرب منه من السن إذا رآه يشرب واقفا يقول له أجلس السنة أن تشرب جالسا، الذي بينه وبينه سنتين أو ثلاث في السن أو قرينه لأن روح الدلالة على الله الحمد لله لا تزال والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باقية في المجتمع لكن كقاعدة ينبغي أن تطرح لإدراك صلة الأب بالزوجة والأولاد أنها صلة أمانه لا تقتصر على الطعام والشراب واللباس ومجرد توفير شهادة أو مدرسة أو وظيفة فهذا الأمر يتقنه حتى غير المسلمين مع أبنائهم وبعضه تتقنه البهائم مع أبنائها ولكن المهمة الحقيقية التي ينبغي لها الأب أن يخلف من ورائه أبناءً يحسنون القيام بتصحيح صلتهم بالله وأداء واجبهم تجاه أمتهم لما أمرهم به الله وهذا جمع لأطراف ما يجب وتفصيله يحتاج إلى توسع.

هل لك من إضافة أو كلمة تود أن تقولها؟

نسأل الله عز وجل للأمة في مثل هذا الشهر وقدومه فرجاً عاجلاً، وأسأل الله أن يبارك ليمننا في ما هو فيه من مرحلة تبشر بشي من الخير في انفتاح أبواب الدلالة على الله والدعوة وإبلاغ الخير للناس وتيسير أسباب هذا الأمر، وأيضا أسال الله عز وجل أن يوفق جهاتنا المختلفة أو شرائحنا المختلفة إلى أن تفقه أن مهمتنا الحقيقية هي كيف يرتضينا الله عز وجل لتصحيح عبوديتنا له، بمعنى كلٌ منا في أي مجال كان أنت إعلامي المتكلم يخدم في مجال الدعوة والوعظ والثالث في مجال المال والرابع في مجال السلطان والحكم والخامس في مجال الزراعة والسادس في مجال العمل والسابع في مجال الوظيفة وهذه في مجال بيتها كل منهم ينبغي أن يفقه أن عليه مهمته إذا انشغل في كيفية صدقه مع الله وبذله كلياته في أداء هذه المهمة وصدق في النصح لمن حوله فسيكرمنا الله عز وجل بإقامة مجتمع تبرز فيه أسرار قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يماني وهذه المقولة قالها من لا ينطق عن الهوى فهي موجودة وإن غابت أحيانا مظاهرها فينا لكنها موجودة في نفوسنا، إذا وجدنا من يحسن هذا الأمر وهو خلوص الوجهة إلى الله وإرادة وجه الله وحسن القيام ببذل الكليات في خدمة هذا الدين لبرزت من دواخلنا بروزا يكون له الدور على مستوى الأمة كلها جاء في بعض الروايات إذا هاجت الفتن فعليكم باليمن، عليكم باليمن يمكن أن يفهم -وهو الفهم المعروف- أن يهرب إلى اليمن لكن من الممكن إذا صدقنا مع الله أن يبرز معنى آخر من هذا الحديث فعليكم باليمن أي اقتدوا باليمن كونوا مثل ماعليه أهل اليمن لكن هذا يحتاج منا إلى صدق مع الله عز وجل وبذل جهد، فينبغي أن نتنبه إلى هذا الأمر ولا ننشغل بما يحصل في دوامة الحياة كل يوم وليلة وكل موسم في الداخل وفي الخارج إلى الحد الذي يغيّب عنا مهمتنا الأصلية، أسأل الله لنا ولك كمال التصديق

© 2014 TABAH WEBSITE. All rights reserved - Designed by netaq e-solutions