للأعلى
01-نوفمبر-2008

لقاء جريدة السياسة الكويتية

في البداية, هل يمكن أن تحدثنا عن نشأتكم الأولى ودورها فيما وصلت إليه من علم وفقه.. ولماذا كان اختياركم للقيام بالدعوة الإسلامية وترك العمل في السياسة مثل والدك عبد الرحمن الجفري نائب رئيس اليمن الجنوبي قبل الوحدة ؟

ولدت في أسرة فيها الآباء والأجداد أهل اشتغال بخدمة الدعوة إلى الله ومن كرم الله علينا أن البلدة التي نشأت فيها (جدة) كانت تضم عدداَ من أئمة الهدى من الدعاة إلى الله – من حضرموت وغيرها – وتتميز دعوتهم بأنها مستمدة ومتسلسلة إلى الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم بالأخذ والتلقي الذي يجمع إسناد العلم والتربية التي تعني تزكية النفس ممتزجة بالعلم وهذا شيء عزيز اليوم قل من يعتني به لأن سند العلم إذا امتزج بسند التربية أثمر ذوقا لمعنى باطني مع المعنى الفكري الظاهر عند الإنسان وهذا نوع من التعرف على حكمة الله عز وجل التي تتنوع مظاهرها.

جمعني الله تعالى بأئمة رأيت الدعوة منهم سلوكا قبل أن اسمعها منهم كلاما وشعرت بالدعوة فيهم إحساسا ووجدانا قبل أن أرى سلوكا فهناك نوع من الناس النظر إليهم يحرك القلوب قبل الاستماع إلى كلامهم وذلك لما أبرز الله على وجوههم من الصدق والإخلاص والنور. وهذه علامات صلاح الداعية إلى الله.. وكان في مقدمة من تتلمذت على أيديهم منذ العاشرة من عمري سيدي الإمام عبد القادر بن أحمد السقاف وكان يعيش في أرض الحجاز في السعودية حيث تعلمت منه وفيه القيم والسلوكيات والأخلاق التي وردت في كتب الشمائل والأخلاق المحمدية فتعلقت به وسمعت منه حثا على طلب العلم الذي ثمرته الخشية والخوف من الله والاستقامة على آداب رسول الله وتعلقا بهذا المسلك كما تتلمذت على يد الإمام أحمد المشهور بن طه الحداد الذي أسلم على يديه أكثر من 300 ألف في أدغال أفريقيا. و المفكر الإسلامي الحبيب ابوبكر المشهور وغيرهم الكثير الطيب.

أما عن سبب اتجاهي للدعوة وانشغالي بها وترك ما عداها من أعمال أو وظائف يرجع إلى أمور كثيرة أهمها أنني وجدت أن أعظم رسالة أو مهنة هي مهنة الدعوة إلى الله ومحاولة نشر وبيان وتوضيح دين الله فقد هزني موقفا منذ الصغر عندما كنت في الرابعة عشرة من عمري وكان له الأثر الكبير في إتباع منهجية العمل الدعوي الذي أسأل الله أن يكرمني بالصدق والإخلاص في السير على الدرب نفسه وهو أن أحد المترفين د خل على أستاذي الإمام السقاف ذات يوم وهو في مجلس معنا ومعروف عن هذا الرجل أنه من المجاهرين بالمعصية ومن الداعين إليها المتبجحين بفعلها فاستقبله شيخنا بترحاب بالغ وببشاشة كبيرة وقال له أهلا بالأخ الصالح وأجلسه بجانبه فنظر بعض الجالسين إلى بعضهم البعض وأساء البعض فهم الشيخ وظنوا أن الشيخ رحب بمال أو بمنزلة اجتماعية أو رتبة أو غير ذلك وانفض المجلس ومرت ثلاثة أشهر والرجل يتردد عليه وهو متأثر بحسن المقابلة حتى تحول حاله رأسا على عقب فأصبح إنسانا صالحا يدعوا للخير وإلى الصلاح والهدى والاستقامة فأيقنت وفهمت من ذلك أنه لا يجب أن نحكم على أي إنسان بمجرد رؤية أفعاله حكما قطعيا وهذا ما تأكد لي من قراءتي في كتب العلم أن الخواتيم مبهمة لا يستطيع إنسان مسلما كان أو كافرا أو عدوا للإسلام أن يجزم أن فلانا يموت على سوء الخاتمة إلا اثنين هما إبليس والدجال فالصدق والإخلاص هما أساس نجاح أي عمل أسال الله أن يرزق أمتنا هاتين الصفتين لتتميز عن باقي الأمم والشعوب وتتقدم عليهم في جميع المجالات.

الدعوة في الداخل والخارج

المعروف أنك جبت البلاد شرقا وغربا في هذه السن الصغيرة وإن هناك انجذابا لحديثك العذب فبم تفسر ذلك.. وما انطباعاتك عن هذه اللقاءات في مصر وغيرها من البلاد الإسلامية وخارج البلاد الإسلامية ؟

لا أستطيع أن أقول غير أن هذا هو توفيق الله تعالى وفيض من نوره وعلمه على كل من يحاول التقرب إليه وأحمد الله تعالى وأشكره على أن وفقني لهذا فحصول الفتح الدعوي أو إقبال الناس ليس علامة على مدى الرضاء والمحبة لأن الله عز وجل يسخر لدينه من يحب ومن لا يحب نسأل الله أن يسخرنا جميعا لخدمة دينه على وصف المحبوبية.

أما فيما يتعلق بزيارة الكثير من البلاد أقول أنه كما يسر الله لنا الخروج إلى بعض البلدان مثل مصر المباركة أرض الأزهر والعلم وأرض الحضارة وجدت أن عاطفة المحبة للحبيب صلى الله عليه وآله وسلم ولآل البيت تجري في دماء المصريين حتى ولو كان بينهم عاص أو معرض أو متكاسل في الامتثال لأوامر الله ورسوله الكريم ووجدت أنه بمجرد أن يأتي الخطاب من منطلق المحبة بينك وبين الذي أمامك تجد الإقبال يبهر بأكبر مما كان عليه من النفور والإعراض ولذلك أرى أن الله تعالى يمن على مصر بمنة كبرى فقد رأيت من أحوال أهلها وقوة تقبلهم للكلمة الطيبة ودعوة الله ما يرسخ في القلب صدق ما سمعته وفهمته عن مشائخي في الدعوة. والمشكلة الأساسية أن الدعوة إلى الله تعاني حاليا ضعف الداعي ونقص المحبة في قلبه وضيق أفقه فإذا ما عالج الداعية إلى الله هذه الأمور الثلاثة استطاع أن يغير الكثير وبزيارتي لاندونيسيا وجدت عجائب وإقبالا كبيرا من مختلف القطاعات لسماع الموعظة والدرس فنرى إندونيسيا على الرغم من ما تتعرض له اليوم من حملات تنصيرية شرسة يتميز أهلها بعقيدة راسخة حيرت العدو وهذا رسخ في النفس فوز أهل الصدق والصلاح والهدى في أي زمان كانوا.

أما رحلات أوروبا وأمريكا فقد رسخت في ذهني مفهوما عظيما تلقيته عن شيوخي وهو أن غير المؤمنين ينبغي أن ينظر إليه بعين الرحمة والشفقة وأنه لا ينبغي علينا أن نأخذ بالرؤيتين اللتين تنظران إليهم ا على أن هؤلاء كفار وأعداء المسلمين وهم حطب جهنم وهم أهل الدنيا وأصحاب هذا الفريق يغلقون باب الصلة بينهم وبين إمكانية هداية غير المسلمين. أما الرؤية الثانية فالتي تنظر إليهم نظرة انبهار وأنه يجب أن نتتلمذ على حضارتهم وهؤلاء سبقونا وعلينا أن نرمي بجميع ما عندنا على أعتابهم وان ننصاع لما يكتشفونه وينتجوه لنا.. وأرى أن النظرتين خاطئتان ومذمومتان.

وقد جانب الصواب الرؤيتان لأنهما ضيعتا على الأمة وقتا كبيرا كان يجب أن يخدم فيه الإسلام في تلك البلدان ذلك أن أهل تلك البلاد أعطاهم الله مقدمات وأساسيات تهيئهم للإسلام من خلال تحارب الحضارة المادية والدنيوية التي وصلوا إليها إلى جانب أن تلك الحضارة أثمرت فيهما ثمرتين أساسيتين الأولى أن قلوبهم أشد ما تكون شوقا إلى تذوق الجانب المعنوي والروحي والفطري الذي عندنا والنقطة الثانية أن النجاح المادي الذي حققوه قوم كثيرا من سلوكياتهم في التصرفات والتعاملات فاكسبهم الجدية والموضوعية والإنصاف في كثير من الأحيان التي يغيب عنهم فيها الخلفيات الماضية من حضارتهم واحتكاكهم بالإسلام.

كيف ترى أحداث سبتمبر في الولايات المتحدة وهل العمليات التي أتهم فيها المسلمون والإسلام يمكن أن تؤثر على وجود المسلمين في الدول الغربية؟

لا شك أن المحنة التي تمر بها الأمة والشدائد التي تتوالى عليها والتي نحن في ذروتها أمر من حكمة الله.. فمثلا بعد أحداث سبتمبر دخل الإسلام أكثر من 42 ألف أمريكي وجاءت الرياح بما لا تشتهي السفن فما خططه أعداء الإسلام لوقف المد الإسلامي في تلك البلاد جاء خلاف ما خططوا.

كما إنني وجدت في بلاد أوروبا وأمريكا سهولة في نشر راية الدعوة وإقامة معاني من الدلالة على أن الله فاقت الوصف ووجدت أنه لا يوجد حاجز بين العالم وبين الإسلام وإذا وجد هذا الحاجز فإنه غالبا ما يكون من قبل أهل الإسلام بسببا القصور والنقص الذي نعاني منه.

فالتعطش للإسلام والإقبال عليه فوق الوصف والسؤال الذي يطرح نفسه الآن كيف نفكر ونتدبر في استيعاب من يدخل إلى الإسلام وأضحت المشكلة أو الأزمة التي نعاني منها ليست إقناع غير المسلم بالإسلام ولكن كيف نستوعب الذي يدخل إلى الإسلام حتى يفقه الإسلام فقها صحيحا.

يجب علينا أن نعي جيدا أننا جعلنا الدول الغربية تتدخل في شؤوننا ومن العجز أن نلقي أخطاءنا على أمريكا أو غيرها ومن السذاجة أن ننتظر من الغير أن يصلح شأننا ويحترمنا وإنما يجب أن نقيم البيئة الصحيحة في ذاتنا نحن وأن نبحث عن الأخطاء وجوانب الانحراف عندنا ونعمل على تقويمها وعندئذ لن يجرؤا أحد على التدخل في شئوننا ولن يجد مجالا لذلك.

أما بالنسبة لمستقبل الإسلام في ظل هذه الأوضاع فلا قلق عليه في قلوبنا فالدين قائم ومصون لكن وجه القلق الذي عندنا هل سيرتضينا الله في خدمة هذا الدين أم لا؟

الخطاب والواقع

كيف يتم التوفيق بين الخطاب الديني الراقي وبين الواقع في ظل المتغيرات الحالية وما هي سبل تحقيق ذلك؟

لابد أن نتعامل مع جميع المتغيرات من منطلق الدين الإسلامي الحنيف حتى لا تضيع الهوية الإسلامية وسط هذا العالم المتخبط الذي يدعو إلى ثقافة كونية تذوب فيها كل الثقافات الأخرى.

والدين قادر على التعامل مع أي متغيرات جديدة فهناك الفقه الإسلامي والاجتهاد الذي يقوم على منهجية التعامل مع النص وربطه بالواقع مع مراعاة أن هذه المنهجية لا تتغير ولكنها تكفل الاستيعاب لتغيير الواقع وقضاياه.

ما موقفكم من القضايا الفقهية المعاصرة التي تحتاج إلى الاجتهاد والفتاوى التي تظهر بين فترة وأخرى من مصادر غير متخصصة؟

عندما كانت الحضارة الإسلامية في أزهى عصور ازدهارها كان هناك ازدهار ونهضة للفقه والاجتهاد فأهل السنة والجماعة وحدهم تركوا لنا ما يقرب من اثني عشرة مذهبا ناهيك عن الفرق الأخرى وعندما توقف الإبداع والاجتهاد في الفكر والعلم انتكست الحضارة الإسلامية ومن هنا يصح القول بإن باب الاجتهاد في القضايا المعاصرة مفتوح – فقط – للمتخصصين من ذوي العلم والأهلية وهناك أصول وقواعد للاجتهاد وليس كل من تسول له نفسه ويحصل على شهادة من جامعة إسلامية يفتي فإحدى آفات الفكر الإسلامي المعاصر هم غير المتخصصين والذين أساءوا للدين أكثر مما خدموه فالتخصص ضروري لكل مجالات الحياة ولكي نستطيع أن ننهض بأمتنا لابد من الالتزام بالتخصصات كل في مجاله واحترام الرأي الآخر حتى إذا كان مخالفا لي.

الاجتهاد والتجديد لا يعني التمرد على التراث الفقهي بل يعني الالتزام بالقواعد والأصول والانطلاق منها في حسن الاستنباط من النص وتفسيره في الأمور التي لم يسبق لها وجود أو كان للحكم المستنبط فيها صلة بمتغيرات المعرفة الإنسانية ، حتى يكون الحكم أكثر تناسبا مع الزمان والمكان والإنسان في طريق العبودية لله.

والإسلام وحضارته ليست عاجزة عن التجديد وليس فيها عيب إنما العيب في أنفسنا وطريقة تفكيرنا وعجزنا عن تصويب أخطائنا ومواجهة ذواتنا.

ظهر في الفترة الأخيرة عدد من الدعاة الجدد الذين هم في سن الشباب واستطاعوا أن يجذبوا الناس إليهم وإلى حديثهم رغم أنهم غير متخصصين إلا إن ثقافتهم الدينية واسعة واستطاعت هذه الفئة الجديدة من الدعاة كشف قصور الدعاة وخطباء المساجد القدامى.. فما تفسيركم لذلك ؟ وما علامات الداعية الناجح من وجهة نظركم؟

أولا أحب أن أقرر حقيقة مهمة وهي أن الدعاة الجدد من الشباب ظاهرة صحية – إن صح أطلاقنا عليها هذا الوصف – إلا أنني أرى أن الدعاة إلى الله موجودين باستمرار على الساحة وليسوا ظاهرة لأن الأخيرة يمكن أن تختفي وتظهر لكني أرى أننا نحتاج في كل وقت إلى فهم صلتنا بالداعية الأول صلى الله عليه وسلم وإذا أردنا أن نعرف قدرنا ومواقفنا ورصيدنا عند الله علينا أن نعرف حقيقة صلتنا بالحبيب علما وعقلا فالذي أصاب الأمة من تخلف وتراجع نابع في اساسا من تقصيرنا تجاه الصلة بالحبيب صلى الله عليه وآله وسلم في كل شيء في التقديم والعرض والالتزام والتمسك وكل ذلك له ارتباط قوي بما أصاب الأمة من تخلف.

فإذا استطاع الداعية سواء كان من الدعاة المتقدمين وهم أساتذتنا أو من الدعاة الشباب أن يعمق حب الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم في نفس السامع له بصدق وإخلاص سنجد تغيرا في السلبيات التي نعاني منها.

ويصدق ذلك قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ) فإذا أعيد في الأمة معنى الارتباط القلبي للحبيب الذي هو أمام كل معاني الارتباطات الأخرى فإذا توجه هذا الحب بصدق للحبيب ستجد هدى وصلاحا ونورا واستقامة فإذا اتبع الداعية هذا السلوك في دعوته وكان عالما فقهيا في العلم الشرعي بالمعنى الصحيح الذي يرتبط بالسند في الأخذ والتلقي وفهم النصوص ستجد دعوته طريقا إلى القلب وآذانا منصتة كما أنه لابد لنجاح الدعوة تقديم وجهة نظر الداعي للعلوم التجريبية الأخرى التي تحيط بنا وأن ننظر إليها أولا على أنها وسيلة وليست غاية وثانيا أن النفع الذي يترتب عليها يرجع إلى حال الأخذ لها وليس عليها على الإطلاق فليست العلوم التجريبية بمجرد أخذها تنفع الإنسان خصوصا إذا تجردت عن المقصد الراقي ويجب أن ننظر إلى هذه العلوم على أنها وسائل ينبغي أن تقدم قبلها المقاصد.

المسؤولية المشتركة

هل ترى أن الحال الذي نحن عليه السبب فيه الدعاة لتقصيرهم في أداء رسالتهم أم المتلقي للدعوة أم ماذا ؟ .. وما لبنات العمل الدعوي لوجود خطاب راق يؤثر في جماهير المستمعين أو المتلقين للدعوة سواء مسلمين أم غير مسلمين؟

لا بد أن يكون الداعية الناجح على قدر من التواضع والأدب مع الله.. والصبر والمثابرة

المسؤولية مشتركة ولا نلوم غير أنفسنا فيما وصلنا إليه من حال لأن مصيبتنا في أننا نتكلم كثيرا ونعمل قليلا فالمهم أولا لنجاح العمل الدعوي أن يكون العمل فيه بفهم فقد شبعنا من الكلام ونريد سلوكا وعملا وإنجازا وهذا يؤكد أن الداعية إلى الله يحتاج إلى أن يكون سلوكه راق جدا كما تعلمنا ذلك من منهج الحبيب الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وهذا المنهج والمسلك ينبغي أن يعض عليه بالنواجذ لأن مسألة سلوك الداعية أمر مهم في الدعوة ونجاحها.

كما أن الداعية الناجح لابد أن يكون على قدر كبير من التواضع والأدب مع الله عز وجل والصبر والمثابرة في الدعوة فهذا المنطق الراقي في المعاملة إذا خوطب به الناس مسلمين أو غير مسلمين من جانب الخير فيهم وتعاملت معهم من جانب التكريم الرباني للآدمية فقد دخلت إلى قلوبهم واستطعت أن تقوي جانب الخير على جانب الشر فيتلاشى من داخله.

كما أن هناك أساسا قويا يحتاج إليه الداعية وهو ألا يختلط عليه اعتزازه بدينه بأمر الكبر الذي يدخل في النفوس لأنه يجعل الإنسان أعمى ولكن إذا عاش فقيرا إلى الله في الوجود فتح الله عليه بمداخل يستطيع أن يؤثر بها ويجب أن يعمل الداعية إلى الله على أساس أننا محتاجون أن نخدم الدين وأن خدمتنا ليست لأنه محتاج إلينا.

هناك اتهام يوجه إلى الدعاة الجدد على الساحة وأنت منهم بأنكم تركزون على فئة من رجال الأعمال والفنانات وتكثرون الجلوس إليهم وتشاركونهم تناول الأطعمة ما لذ منها وما طاب وتتركون الفئات الكادحة الفقيرة فهل انتم دعاة للأغنياء فقط؟

أحب أن أقرر أن الداعية ليس لفئة معينة وإنما هو يلتقي بكل فئات الأمة غنيها وفقيرها ونحن متواجدون بين كل الطبقات غير أن وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة وتلفزيون هي التي تركز على فئات معينة دون الأخرى فلو كان التركيز متوازنا ومنصفا بين طبقات المجتمع لوجدونا مع الفقراء ومع الأغنياء وفي الساحات وفي المساجد وفي القرى والنجوع فلا تلومنا بل لوموا أنفسكم.

أجد في حديثك صوفية عالية هل ترى أن الصوفية هي المخرج لنا من واقعنا المتردي الذي نحياه وهل الصوفية قادرة على حل مشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية.. نريد التوضيح؟

مصيبة الأمة حبها الدنيا وكراهيتها الموت.. وعلاجها علم التصوف بمعناه الراقي.. لا الهزلي

الحقيقة أنني أرى أن لب القضية التي تعيشها الأمة ومصيبتها الكبرى يرجع إلى حب الدنيا وكراهية الموت والذي يعالج هاتين الخصلتين هو علم التصوف بمعناه الراقي وليس التصوف الهزلي الذي يمارسه البعض اليوم فالتصوف الراقي هو الذي يعتني بتطهير القلوب وصفائها ويخلصها من حب الدنيا وكراهية الموت ويربطها بالله عز وجل فالتصوف بهذا المعنى هو القادر على حل جميع مشكلاتنا وأزماتنا الاقتصادية والاجتماعية والسلوكية لأن هذا المعنى من التصوف هو الذي أخرج لنا صلاح الدين الأيوبي ونور الدين زنكي والذي يقرأ تاريخ الاثنين يجد هما نتاج مدرسة التصوف.

لذلك فنحن نحتاج إلى شيء من العلاج المكثف لأصل الداء الذي أصابنا وهو حب الدنيا وكراهية الموت ولن يتغير ذلك إلا بمنهج السلوك والأخلاق وإذا تخلصنا كذلك من توزيع التهم على الآخرين.

© 2014 TABAH WEBSITE. All rights reserved - Designed by netaq e-solutions