للأعلى
26-يوليو-2015

أعلنوا الحب

الحمد لله..

في خضم زحمة الحياة وتراكم همومها وكثرة مشاغلها نغفل عن قيمة إشعار من نحب بعمق محبتنا لهم على الرغم من أهمية ذلك لديهم، وعظيم أثره عليهم، وشدة احتياجنا واحتياجهم إلى الشعور بهذا المعنى.

أخبر والديك الآن أنك تحبهما.

أخبر أولادك الآن أنك تحبهم.

أخبر زوجتك الآن أنَّك تحبها.

أخبري زوجك الآن أنّكِ تحبينه.

أخبر إخوتك وأقاربك وأصدقاءك بأنك تحبهم.

قم وتدارك حياة من تحب قبل أن تُفرِّق الأيام بينكم، فالدنيا أقصر مما تظن، ورُبّ فراق يتضاعف ألمه كلما تذكر المحِب أنه لم يُشعر من يُحِب بما استَكنَّ في قلبه من محبة، وما يحمله له من صفو الوداد.

كرِّر ذلك بين الفينة والفينة،

ففي وقت الهموم والمصائب والمحن والشدائد، دفء المحبة يمسح الهموم عن القلوب،

وفي وقت الرخاء والسعادة والفرح، تُضفي المحبة على القلوب ارتقاء معانيها،

وفي وقت رتابة الحياة وتكرار نمطها، تُميط المحبة عن القلوب سآمة الحياة بِرَوحها.

بُثَّ في مناجاتك لربك الودود لواعج هذه المحبة، فقد خاطب النبي ﷺ مولاه سبحانه وتعالى بحبه لسبطه الحسن ومرة أخرى لسبطه الحسين عليهما السلام فقال: “اللهم إنّي أُحبُّهُ فأحبَّه، وأحبَّ من يُحبُّه”.

و”أعلن” حُبّك في هذا الفضاء الذي لوَّثته الكراهية والبغضاء لعلك تُسهم في تنقيته، فإن ربَّ العزة الودود تبارك وتعالى إذا أحب عبدًا “أعلن” للسماء والأرض بأنه يُحبّه بل إنه سبحانه وتعالى يُكلّف جِبْرِيل عليه السلام بهذه المهمة!

مهمة جبريل عليه السلام العظمى هي الوحي وإيصال كلام الله إلى أنبيائه ورسله عليهم السلام، فكأن تكليف الله تعالى له بالإعلان عن حبه تعالى لعبدٍ من عبيده فيه ملمح يُشير إلى أن المحبة هي رُوح تَلقّي أنوار الوحي، وجبريل عليه السلام هو من صحب النبي ﷺ في معراجه إلى العالم الأعلى، فكأن تكليفه بإعلان الحُب يُلمح إلى أن الحب هو معراج الأرواح.

قال سيدنا ﷺ: “إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلانًا فأحببْه فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض”. رواه البخاري ومسلم.

الحب هو طريق المَعيَّة، فإن ثقلت عليك حتمية الفراق ففي الحب سرٌ من معيَّة المحبوب لا تقوم أمام عظمته حتمية الموت.

الحب هو إكسير المعيّة الذي يطوي على بساطه فوارق المقامات والمراتب في الدنيا والآخرة، قال سيد الأحبة وقبلة العُشّاق في مواكب الأشواق صلى الله عليه وآله وسلم: (أنت مع من أحببت).

أعلنوا الحب

ولا تلتفتوا إلى وسوسة إمام الكراهية، ولا إلى ما تُردده الأمّارة بالسوء من أوهامٍ تصرفنا عن إعلان الحب بذريعة أن الحديث عن الحب ما هو إلا رفاهية لا يتسع لمثالياتها واقع الأمة الملطخ بالدماء والملوث بالكراهية والموبوء بالظلم؛ فإنه لم يبق لعلاج هذا الواقع المريض سوى إكسير الحُب.

فيا من يقرأ هذه السطور:

أرجوك..

قم وأخبر من تحب بمحبتك إياه،

الآن اتصل به وبُثّه صفو الوداد،

بادر ولا تتردد، فقد مَرّ رجل بمجلس سيدي وحبيب قلبي وبهجة فؤادي ﷺ؛ فقال أحد الصحابة رضي الله عنهم يا رسول الله إني أحبه.

فقال ﷺ: هل أخبرته؟

قال: لا يا رسول الله.

فقال إمام أهل الحب ﷺ: “هلّا أخبرته”. وفي رواية: “اذهب وأخبره أنك تحبه”.

وأخيرًا..

أماه.. أحبكِ ولا أجد شافعا لتقصيري في بِرّكِ سوى هذا الحب.

أبتاه.. أحبكَ ولا أجد شافعا لتقصيري في بِرّكَ سوى هذا الحب.

زوجتي الغالية.. أحبكِ.. فسامحيني إن كنت بخيلا في التعبير عن هذا الحب.

فاطمة الزهراء .. محمد الباقر .. صفية .. خديجة .. الحسين.. ثمرة فؤادي أحبكم .. فسامحوني على كوني لست أبا جيدا.

أختي إبتهال .. أخي عبد العزيز .. أحبكما.. وأحب أبناءكما شهد وعلوي وزينب وفاطمة ومرومة وعبد الرحمن وأحمد.. فسامحوني على كل ما بدر من إساءة.

دعوني أخبركما بأمر لم أبثه إليكما من قبل:

كلما أتذكر وقفتكما معي بعد العملية التي أجريتها قبل نحو من سبع عشرة سنة وأنتما تقومان بغسلي وتنظيف بدني حال عجزي عن الحراك أشعر بأنكما تغسلان قلبي بهذا العطف والحنو.

إخوتي وأقاربي وأصحابي .. أحبكم.

مشايخي والتلامذة .. أحبكم.

يامن يقرأ هذه العبارات ممن حجب الله عنه أكثر عيوبي فأحب، وممن أظهر الله له بعضا منها فأبغض.. أحبكم جميعا في الله.

وقبل كل ذلك وأثناءه وبعده؛ أحبك ربي وخالقي وحبيبي.

أحبك يا رسول الله وأحب عترتك المـُطهرة آل بيتك وأحب أصحابك.

أو هكذا يدّعي القلب، فإن كان صدقًا فالصدق محبوب، وإن كان ادعاءً فأرجوك رباه أن تتجلى عليه باسمك الودود ليستحيل حقًا يا حق.

اللهم طهر قلوبنا بالحب، واملأ قلوبنا بالحُب، ونوِّر قلوبنا بالحب، وزَكِّ نفوسنا بالحب، وائذن لأرواحنا بالعروج إلى حظائر قدسك على أجنحة الحُب.

وأرواحٌ تطير إلى عُلاها بأجنحة الغرام المقعدية

فتسرحُ في رياضٍ من جِنانٍ وتأوي للقناديل المضيئة *

“الإمام الحداد”

© 2014 TABAH WEBSITE. All rights reserved - Designed by netaq e-solutions