للأعلى
10-ديسمبر-2009

حول حظر بناء المآذن في سويسرا

   أكد الحبيب علي الجفري أننا نشهد في السنوات الأخيرة نوعاً من التتابع السريع من خلال عدد من المظاهر والأحداث والإساءات التي تستهدف تأليب الشعوب الأوروبية ضد الوجود الإسلامي في تلك المناطق ومحاولة دفع المسلمين إلى اتخاذ مواقف تتنافي مع قيم الإسلام ورسالته العالمية.


جاء ذلك خلال مداخلة الحبيب علي الجفري في برنامج”المنبر”على قناة”الجماهيرية الثانية”مساء الأربعاء 22 ذو الحجة 1430هـ الموافق 9 ديسمبر/كانون أول 2009،تعليقاً على تصويت سويسرا يوم 29 نوفمبر 2009 بأغلبية 57% لصالح حظر بناء المآذن حين نجح حزب الشعب اليميني المتطرف هناك في فرض إجراء الاستفتاء، طبقاً لقواعد الديموقراطية المباشرة التي تنتهجها سويسرا، ومن ثم ضرورة تعديل الدستور بحيث يدرج فيه حظر بناء المآذن.

   أكد الحبيب في بداية مداخلته على ضرورة الأخذ بالرؤية الاستشرافية للأمور استناداً إلى قول النبي عليه وآله وصحبه الصلاة والسلام: إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِىَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِى سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِىَ لِى مِنْهَا”(أخرجه مسلم في صحيحه،باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض) و قوله :”لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ”(أخرجه أحمد في مسنده من حديث تميم الداري وإسناده صحيح على شرط مسلم).


رأي الحبيب على الجفري ضرورة النظر إلى هذه الأزمة وغيرها من الأزمات بشيئ من التبصر، وأن لكل حدث جوانبه الإيجابية والسلبية،تمهيداً للتعامل المنهجي الصحيح بما يحقق القيم العالمية للإسلام ومصالح الوجود الإسلامي هناك.ومن ثم ضرورة تفهم تصويت حظر بناء المآذن في إطار قواعد الديموقراطية السويسرية والثقافة الليبرالية الأوروبية، بملاحظة أن هناك نوعاً من تتابع وتسارع تحريض الشعوب الأوروبية ضد الإسلام واستفزاز المسلمين عبر دفعهم إلى ردود أفعال لا تتناسب والتزامهم بالقيم الإسلامية ولا بالمواطنة في البلاد التي يعيشون في ربوعها، وبالتالي تصويرهم على أنهم كيان دخيل وخطير على القيم والثقافة الأوروبية المتحضرة.


فمن الجوانب الإيجابية للحدث ضرورة تفهم تأثير انتشار الإسلام في تلك الديار إلى الحد الذي يزعج بعض التيارات المتطرفة بل وتنكرها لما كانت تتشدق به وتروجه من قيم التعددية وقبول الآخر واحترام حقوق الإنسان الأساسية،مثلما يشكل الحدث دعوة إلى الثبات والاهتمام بالقيم العالمية للإسلام في الوقت الذي تتراجع فيه التيارات اليمينية حتى عن قيمها التي كانت تدعي عالميتها والتزامها بها.فمثل تلك التصرفات تعد فرصة للمسلمين لتوجيه خطابهم إلى العالم بعد انحسار طويل.


ورداً على تساؤل الأستاذ طارق العالم مقدم برنامج المنبر على قناة الجماهيرية الثانية حول الأسباب التي قادت إلى هذا التطاول وهل نحن قصرنا في إعداد ما أمرنا الله تعالى به من القوة؛ أكد الحبيب علي الجفري على ضرورة أن نعود على أنفسنا باللوم أولاً وفي عجز المسلمين عن إبراز حقيقة الإسلام في كل من يحيط بهم، وأن قوة الصدق في المعاملة مع الله عز وجل وقوة محبة الخير للآخرين هي التي تضفي على القوة المادية فعاليتها وتأثيرها.


أنهي الحبيب علي الجفري مداخلته بمخاطبة إخواننا المسلمين في سويسرا بضرورة الالتزام في ردود الأفعال بما يتناسب مع رقي وأخلاق الإسلام،والتمسك والثبات على دينهم من ناحية،وأن يؤكدوا  من خلال تعاملاتهم اليومية أنهم شريحة أساسية راغبة وقادرة على الاندماج في المجتمع السويسري من ناحية ثانية، مع مخاطبة القوم بالقيم التي يتحدثون عنها من التعددية واحترام الكرامة الإنسانية وقبول الآخر من ناحية ثالثة.

      وأوضح فضيلته أننا قد توقفنا وانشغلنا طويلاً بنسبة المؤيدين لحظر بناء المآذن(57%) وغفلنا عن رؤية الجانب الآخر وهم نسبة كبيرة(43%) ومكسب أكبر،خاصة مع إعلان الحكومة السويسرية أسفها فور ظهور نتيجة التصويت وأنها تشعر بالقلق من عواقب هذه النتيجة على صورة سويسرا كدولة ديموقراطية تؤمن وتمارس التعددية،بل ولم تر بأساً في أن يلجأ أبناء الجالية الإسلامية في سويسرا إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.


مثلما خاطب فضيلته المسلمين في كافة أرجاء العالم بضرورة اتخاذ خطوات جادة ومحسوبة في التعامل مع حظر المآذن في سويسرا بما لا يضر بالوجود الإسلامي في أوروبا ككل،ومذكراً الجميع بأن مسلمي سويسرا أدرى بشعابها.

© 2014 TABAH WEBSITE. All rights reserved - Designed by netaq e-solutions