للأعلى
19-يونيو-2006

لقاء موقع العربية نت

كشف الداعية اليمني المعروف الحبيب علي الجفري لأول مرة أن السلطات المصرية منعته من دخول مصر للصلاة في الأزهر وزيارة مسجد الإمام الحسين عندما مر بمطار القاهرة

مقدمة:

كشف الداعية اليمني المعروف الحبيب علي الجفري لأول مرة أن السلطات المصرية منعته من دخول مصر للصلاة في الأزهر وزيارة مسجد الإمام الحسين عندما مر بمطار القاهرة “ترانزيت” ومكث به عدة ساعات في طريقه إلى شمال أفريقيا.

وقال في حوار مطول مع “العربية.نت” إن اسمه مدرج في قوائم الممنوعين من الدخول، وأنه لم يقم بأي محاولة لرفعه رغم الحنين الذي يراوده لرؤية مصر وأهلها. وكشف تفاصيل ابعاده والطريقة التي أبعد بها، وعلاقته بأوساط المثقفين فيها، ونفى أن يكون قد حصر نفسه في الشريحة النخبوية قائلا إنه حاضر أيضا في الأماكن العامة والشعبية وفي قرى الصعيد.

وتحدث عن أسباب بروزه السريع، ورد عن ما يتردد حول ثرائه الكبير ومصادر تلك الثروة، وسبل الانفاق على رحلاته الدعوية الكثيرة. كما تناول علاقاته بالفنانين في مصر، ولماذا اتهم بأنه حاول تخريب الفن المصري.

وتناول في حواره مع “العربية.نت” تأثير والده السياسي اليمني المعارض عبد الرحمن الجفري نائب رئيس اليمن الجنوبي السابق على عمله الدعوي، متحدثا عن سبعة أيام قضاها في سجن الأمن السياسي باليمن.

كما رد على أسئلة حول شرائط منسوبة له على الانترنت ينتقدها السلفيون بشدة، وأقواله عن اغاثة روح الرسول وأوراح الأولياء لمن يستغيث بهم، وإمكانية خروج الجسد من قبره، وعن العلاقة بين المتصوفة والشيعة.

وفي جانب آخر تحدث عن أسباب صدور تنويه سريع يؤكد أن الرسالة المفتوحة التي وجهها مع نخبة من المراجع والدعاة والعلماء المسلمين لبابا الفاتيكان بندكت السادس عشر لم تكن قبولا لاعتذار منه.

كما ذكر أن هذه الرسالة المفتوحة قد لقيت تأييدا من عدد من علماء سوريا والسعودية والإمارات والبحرين وغيرها من الدول مع تأييد واحد وعشرين استاذا للشريعة في جامعات المغرب.

وكانت الرسالة التي وجهها 38 عالما في مقدمتهم مفتي مصر د. علي جمعة ومفتي سوريا وعدد من مفتيي المسلمين والعلامة د. محمد سعيد البوطي والعلامة د. عبد الله بن بيه والحبيب علي زين العابدين الجفري، تدور حول المحاضرة التي القاها البابا في جامعة رجنسبورغ في المانيا بتاريخ 12-9-2006 واقتبس فيها كلاما للامبراطور مانويل الثاني باليولوجوس قاله خلال مناظرة مع رجل فارسي مثقف بشأن الإسلام كبداية لخطابه حول العلاقة بين العقل والإيمان، وهو الاقتباس الذي ظهر كأنه يلقى تعضيدا من البابا مما أثار ردود فعل غاضبة في العالم الإسلامي.

وبعد أن اعتبرت بعض وسائل الإعلام هذه الرسالة كأنها قبول من هؤلاء النخبة لاعتذار البابا، صدر تنويه سريع من الحبيب علي زين العابدين الجفري نشره على موقعه على الإنترنت يؤكد فيه أنه لم يرد ولم يتم التطرق في الرسالة المفتوحة إلى قبول اعتذار البابا من قبل العلماء أبدا.

لماذا الإسراع بنفي قبول اعتذار البابا؟

يقول الحبيب علي الجفري عن سبب الاسراع بالتنويه على أن الرسالة المفتوحة التي وجهها مجموعة من العلماء والمراجع الإسلامية لبابا الفاتيكان ليست قبولا لاعتذاره: الرسالة المفتوحة الموجهة إلى البابا كانت بمثابة التوضيحات العلمية للالتباسات التي حصلت أثناء خطاب البابا، ونقله لكلام الامبراطور مانويل الثاني دون أن يعلق على هذا الكلام بما ينفيه مما جعله يظهر في صورة المؤيد له.

واستطرد: البابا ذكر نقاطا علمية مرتكزة على ثلاث يتفرع منها عدد من النقاط. وغالب الذين ردوا على البابا وردود فعلهم على المحاضرة، انشغلوا بجزئية بعيدة عن النقاط العلمية التي ذكرها، وهي جزئية الاجتراء على ديننا ونبينا، وهذا شئ محمود أن نرفض ذلك، وأن نحضر إلى القضية سلسلة من الاجتراءات التي سبقت والتي لحقت أيضا بعد ذلك، كمعالجة ملف استسهال النيل من الإسلام ومحاولة تشويه الإسلام في ذاكرة الجماهير الغربية.

ويضيف الجفري: لكني لم أقف على ردود علمية مفندة إلا من بعض أفراد من علمائنا الأفاضل، فأحببنا مع مجموعة من كبار علماء الأمة ومراجعها ورؤوس المؤسسات الدعوية والعلمية فيها، أن يكون هناك تفنيد علمي يتحول بعد ذلك إلى وثيقة تاريخية يمكن أن تدرس في الجامعات وتوثق في مراكز الأبحاث لتحليل النقاط التي ذكرها البابا والإجابة عنها.

عناوين قبول الاعتذار كادت تسبب اشكالات

ويقول إن العناوين العريضة التي جاءت بذكر قبول اعتذار البابا أدت إلى صرف الرسالة الموجهة إلى البابا عن فحواها الحقيقي الذي من أجله أرسلت. أيضا كادت أن تفتح بابا لاشكالات داخلية بين صفوف العمل الإسلامي والدعاة والعلماء والمؤسسات العلمية، وكادت أن تفتح مجالا لصراع داخلي حول هل نقبل الاعتذار أو لا نقبله.

البابا لم يعتذر ولا نحن قبلنا اعتذارا

واستطرد الحبيب الجفري: البابا في الواقع لم يعتذر، ولهذا نحن لم نقبل الاعتذار. إنما أبدى أسفه وأن هذا الكلام لا يمثل رأيه الشخصي وهذا شئ مقدر، يجب أن يبرز تقديره منا. أيضا هو عدل في المحاضرة – فيما بلغني – المنشورة في موقع الفاتيكان على الإنترنت، بأن أضاف بعد الاستشهاد بعبارة مانويل الثاني “أن هذا الكلام، كلام فظ كما يراه البعض”. هذه خطوة إيجابية من البابا، كان لابد من اشعاره بأنها مقدرة من قبلنا. أما قضية الاعتذار وعدمه فليست هي محل الرسالة المفتوحة.

واسمح لي أن أضيف أننا قد تلقينا تأييدا للرسالة خلال اليومين الماضيين من عدد من علماء المسلمين من الإمارات وسوريا والسعودية والبحرين والجزائر وفرنسا وأمريكا وكينيا وواحد وعشرين استاذا للشريعة بجامعات المغرب.

وستنشر اسماءهم ان شاء الله على الموقع المخصص للرسالة (دعاة الاسلام) duaatalislam.com

قلت له: كنت من المساهمين في ادارة الحوار مع الدنمارك بعد قضية الرسوم المسيئة الشهيرة، وذهبت ضمن مجموعة من العلماء إلى هذا البلد، لكن البعض يقول إن هذا لم يأت بالنتيجة المطلوبة بدليل استمرار الهجمات على الاسلام في بلاد أخرى وفي ذلك البلد أيضا.. فما رأيك؟

أجاب الحبيب الجفري: سؤالك هذا له تشعبات كثيرة، وسيكون الجواب من عدة نقاط. الأولى: الذهاب إلى الدنمارك صور على غير وجهه في أوساط العالم الإسلامي المختلفة لا سيما الأوساط الإسلامية منها، وهو أن ثلاثة من الدعاة ( عمرو خالد و طارق السويدان وعلي الجفري) ذهبوا إلى الدنمارك بقرار خاص بهم، شذوا به عن مجموعة من العلماء، وهذا خطأ وتدليس.. كما أن هذه فرصة للتصويب.

ويضيف: الذهاب كان بعد مراجعة واستشارة كبار علماء المسلمين كمفتي مصر ومفتي سوريا والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي والشيخ عبد الله بن بيه، وقد أشاروا بالذهاب. إن الذهاب هو التزام بمبدأ، قبل الاجابة عن قضية النتيجة التي ستأتي بها. الله عز وجل أرسل نبيين رسولين، فيهما مكلم من أولي العزم من الرسل، وقال لهما “اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى”. هنا أمرهما الله أن يذهبا إلى رجل ادعى الربوبية وظلم شعبه واستعبده وليس فقط نال من الأديان. ومع ذلك قال “فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا”. وقال “لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى” مع أن الله يعلم أنه لن يتذكر ولن يخشى، ولكن ليؤسس لنا منهجا في الدعوة إلى الله عز وجل “ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ”. فهل نقول إن سيدنا موسى وسيدنا هارون قد فشلا في ذهابهما إلى فرعون ولم يكن هناك حاجة إلى الذهاب ولم يأت بنتيجة.

ذهابنا للدنمارك حقق نتائج غير متوقعة

ويتابع: النتيجة أن أمة بأكملها قد حررت. والذهاب الى الدنمارك أتى والحمد لله بنتائج أكبر مما كنا نأمل ونتوقع، وأولها الظاهر على السطح الآن بأن الاجتراء الجديد الذي حصل، والذي اعتب على بعض وسائل الاعلام أنها صورته على أنه اجتراء من الدنمارك، مع أنه اجتراء من مجموعة صغيرة، هي شبيبة حزب عنصري متطرف ضد أي انفتاح مع العالم الخارجي من قبل الدنمارك، وضد المهاجرين المسلمين، ويأتي بألفاظ قبيحة من قبل الاجتراء بالرسوم الكاريكتيرية.

ويقول الحبيب علي الجفري: من النتائج التي أكرمنا الله بها أن اتحادات شباب الدنمارك الذين شاركوا معنا في الحوار هم من أوائل الذين رفضوا هذا التصرف وأصدروا بيانا يقولون فيه إنه غير مقبول وقد يؤدي إلى مقاطعة اجتماعات شبيبة هذا الحزب.. فكيف يقال إنه لم يأت بنتيجة.

ويستطرد: الحوار استمر وكان له امتداد في أبو ظبي، حيث جاء وفد من الدنمارك يضم أساتذة جامعات وممثلي اتحادات شباب، أعقب ذلك ذهاب مجموعة من الشباب الدنماركي إلى دار المصطفى بحضرموت عندنا في اليمن، ليحضروا دورة صيفية متعلقة بالتعاليم الاسلامية. كما أن مجموعة أخرى من الدول العربية ذهبوا إلى الدنمارك ضمت 12 شابا، ولا تزال أثار الحوار مستمرة والتواصل بيننا مستمر أيضا.

وقال الجفري: إن يتصور مسلم أن خطوة واحدة صدرت من أشخاص أو مؤسسة أو جماعة أو حزب أو حتى دولة من الدول الإسلامية، سينهي المشكلة، فهذا تسطيح شنيع للقضية. هناك مساع شديدة من متطرفين في الغرب يريدون ان يلصقوا بالذاكرة الغربية الجماعية صورة مشوهة عن الإسلام، واستثمروا في سبيل الوصول إلى ذلك تصرفات خاطئة صدرت عن أناس منا معاشر المسلمين، بل من أناس يدعون أنهم من أهل العلم، استثمرت وضخمت في اذهان الغربيين.

وتابع: نحن بحاجة إلى عمل سنوات طويلة لايضاح الصورة الحقيقية لديننا، وهذه المسألة لم تعد من النافلة، بل أصبحت فريضة لأنه سيترتب على الاخلال بها، أضرار بالمجتمع المسلم في الغرب الذي تجاوز الثلاثين مليونا، وأنتم تقرأون الآن الأخبار عن النظر بالريبة لكل مواطن مسلم في بريطانيا وأنه مطلوب الابلاغ عن أي تصرف فيه ريبة. تسمعون الكلام عن الحجاب وعدد من القضايا المتعلقة بالإسلام. نحن نمر بمرحلة شديدة الحرج تتعلق بالإسلام في الغرب.

وهي من الفرائض لأنها علاج لما يمكن أن يحجب انتشار الدعوة إلى الله.

اتصلنا بالشيخ القرضاوي

سألته: هل حصل منكم فيما بعد اتصال بالشيخ يوسف القرضاوي الذي عارض بشدة هذه الخطوة؟.. يجيب الحبيب الجفري: سماحة الشيخ يوسف القرضاوي من كبار العلماء المسلمين الذين نقدرهم ونجلهم ونتفق معهم في كثير من الأمور، ويختلف معه – القرضاوي – في بعض الأمور عدد أيضا من كبار العلماء، وهذا الاختلاف يسمى اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد.

واستطرد: سماحة الشيخ القرضاوي له وجهة نظر في عدم الذهاب، تقابلها وجهات نظر لعلماء في منزلته، منهم الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي والشيخ عبد الله بن بيه في تأييد مثل هذا الذهاب. هذه نقطة وهناك نقطة مهمة جدا يجب أن تظهر واضحة، وهي أن وجود التنوع في رؤى العمل الإسلامي هي ميزة وليست عيبا، وإرادة حمل الناس على رأي واحد هو الضيق بعينه. الشيخ القرضاوي من خلال الحديث الذي برز عنه، كان واضحا أن المسألة صورت له على غير وجهها الصحيح.

وأضاف: حصل تواصل بعدها بين د. طارق سويدان والشيخ القرضاوي وكذلك بينه وبين عمرو خالد، وقبلها حصل تواصل بيني وبينه أيام بداية اثارة المشكلة حول البيان، فقد نشر أنه يرفض التوقيع بينما هو لم يكن قد رفض، واتصلت به مباشرة وأعلن بعدها في خطبة الجمعة أنه لم يرفض التوقيع ويؤيد ما في البيان.

قصة إبعاده من مصر

عدت بالحبيب الجفري إلى فترة وجوده في مصر والاستغراب الذي ساد بعض الأوساط الثقافية فيها من أن يأتي داعية من خارجها فيحيط به المصريون وتصبح له جماهيرية واسعة، وسألته: هل يعاودك الحنين للعودة إلى هناك فقال: الحنين إلى مصر دائم، ومحبة مصر ملء القلب. اما مسألة أن الاستغراب للوجود سببه أنني غير مصري وأن مصر لا تحتاج. هذا الكلام لا أظن أنه يصدر عن عقلاء وعلماء وقادة مصر، لأن لها تاريخا طويلا في قيادة الخطاب الإسلامي، وكأحد أسباب تأهلها لقيادة هذا الخطاب، أنها لم تجعله مصري الجنسية. الأزهر الشريف تولى مشيخته عالم من تونس، وكذلك عالم من سوريا.

ويضيف: مصر استحقت القيادة لأن أحد مقوماتها أنها لم تجعل خطابها ذا جنسية أو اقليمية، وانما جعلته خطابا بمستوى تحمل مسؤولية الاسلام. هذا استبعده أن يكون سببا في الطلب مني مغادرة مصر، لأن من تأهل للقيادة لا ينظر بهذه النظرة.

لم أحصر نفسي في النخبة

قلت له: هل يكون السبب هو ما يقوله البعض انك اتصلت بصفوة المجتمع وبعض رجال الأعمال وكنت تعقد جلسات الدعوة في الأماكن الراقية التي يرتادها مثل هؤلاء الصفوة؟.. أجاب الحبيب الجفري: أجبت على هذا السؤال مرارا بأني حاضرت في أماكن نخبوية كما يسمونها، وحاضرت في أماكن العامة، وفي قرى الصعيد. وحاضرت على الحصير في بعض الأحياء الشعبية، بما يعني أنه لم يكن انحصارا فيما يسمى الشريحة النخبوية في مصر.

وتساءل: هل يوجد في مصر من يكره أن تسمع تلك الشريحة شيئا يتعلق بكلام الله وبكلام رسوله، وهل هناك من ينزعج من تدين الفئة النخبوية على نحو معتدل وسطي؟.. هذا سؤال ينبغي أن يطرح في الأذهان. منطقيا فان أهلية القيادة التي أعهدها في تاريخ مصر، لابد وأن تنفي مثل هذا الاحتمال.

وحول رواية ابعاده من مصر والتي ذكر فيها أنه أخذ بلا مقدمات من أجهزة أمنية بعد أدائه صلاة الفجر في مسجد الحسين بالأزهر إلى المطار مباشرة، وطلب منه أن يختار الدولة التي يود أن يسافر إليها فاختار السعودية، قال الجفري: بلا مقدمات.. نعم. ولكن لم أؤخذ مباشرة بعد صلاة الفجر. جاء لي أحد ضباط الأمن المصري بأدب شديد في المكان الذي نجلس فيه، وقال لي “مع الأسف الشديد كلفت بأن أبلغك أنه مطلوب منك مغادرة مصر، فإلى أين تود أن تتوجه؟.. فقلت له: أود الذهاب إلى المدينة المنورة لزيارة الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم” فرتبنا الحجز على هذا الأساس.

منعوني في المطار من الدخول لساعات

قلت له: هل أنت ممنوع من دخول مصر؟.. أجاب الحبيب الجفري: الذي أعلمه أن اسمي لا زال في قائمة الممنوعين. هنا سألته: ألم تحاول رفعه ام حاولت وتوقفت بعد أن فشلت في ذلك؟.. رد بقوله: لم أحاول أو أقدم طلبا بالرجوع. في مرة من المرات أثناء سفري إلى ليبيا، كان هناك توقف في مطار القاهرة لمدة ست ساعات، فسألت: هل يمكنني الدخول للصلاة ركعتين في الأزهر وزيارة الامام الحسين، فأجبت بالاعتذار وتقبلته وتفهمت أوضاع الناس، وهذا الأمر أقوله لأول مرة للاعلام.

قلت له: هل لا زال محبوك في مصر على اتصال بك؟.. أجاب الجفري: لا شك هناك تواصل قوي بيننا وبين المحبين في مصر عبر الهاتف وعبر الالتقاء في الحرمين الشريفين وفي مختلف دول العالم. مصر وأهلها في القلب ولم تنقطع الصلة بيني وبينهم لأنها كانت لله وليست لغرض آخر، فما كان لله دام واتصل، وما كان لغيره انقطع وانفصل.

وعن تواصله مع دوائر المثقفين أثناء وجوده في مصر قال: التقيت بعدد منهم وفيهم من اتفقنا معه في أكثر الآراء، وفيهم من لا يزال الخلاف بيينا موجودا، لكن هناك درجة عالية من الاحترام بيننا رغم هذا الاختلاف. ويؤكد أن بينه وبين بعض الفنانين في مصر صلة محبة واحترام.

وعن علاقته بالشيخ خالد الجندي قال الجفري: التقيت معه في عدد من المحاضرات ومجالس العلم، وكانت بيني وبينه جلسات خاصة حيث تباحثنا في عدد من المسائل العلمية، اتفقنا على البعض منها واختلفنا على البعض الآخر.

وحول ما أثارته بعض كتابات المثقفين أثناء وجوده في مصر بأنه سبب في اعتزال بعض الفنانات وأنه ذهب إلى هناك ليخرب الفن المصري، قال الحبيب الجفري: أعود إلى نفس المنهجية في الردود السابقة وأقول إنه إذا كان الفن المصري يمكن أن يخربه أو يفتك به رأي معتدل، فهذه إذن مشكلته، ولا أظن أن الفن المصري كذلك.

سألته: لكن الملاحظ الآن أن الكثيرات من الفنانات المعتزلات عدن إلى ممارسة التمثيل وإن لم يتخلين عن الحجاب، فهل يراها عودة في سبيل الفن المحترم؟.. علق الجفري: لم أدرس هذه الظاهرة بالقدر الذي يجعلني استطيع الجواب عليها.

وعن الفن الجيد الذي يراه قال: الذي أعرفه من كلام كبار علماء الأمة المتقدمين والمتأخرين أنه لا يوجد عالم عاقل يحرم الفن، فهو وسيلة راقية لمخاطبة النفس البشرية، ولم يجعل الله في النفس فطرة التأثر والتجاوب النفسي مع ما يطرب بكلمة حسنة أو بصوت جميل أو بلحن حسن، لم يجعل ذلك عبثا في نفوس البشر، وإنما جعله لحكمة أرادها تتعلق بارتقاء الإنسان، لكن سوء استخدام هذه الخاصية وسوء التعامل معها هو الذي يجعلها تحول الإنسان إلى السقوط في حضيض الشهوات والرذيلة.

وأضاف: الأصل في الفن أنه شئ راق، فهل يمكن التوصل إلى هذا الفن؟.. البعض يقول بالبديل، لكني لا أقول ذلك بل أقول إعادة “الفن الأصيل” إلى مساره فيما لو حصل تواصل بين الدعاة والعلماء الواعين وبين القائمين على المؤسسات الفنية، وحتى بين الذين عندهم رغبة صادقة في الارتقاء بمستوى الفن.

حدث هبوط كبير في الفن

وقال الجفري: حدث هبوط كبير في الفن الذي كان في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات وبينه الآن. تحول من جمال الصوت والكلمة واللحن والأداء إلى الجسد والتعري والتبذل والسفه، فهذا السقوط ليس فقط محل جدل بين العلماء والدعاة المسلمين، بل هو محل قلق لدى من يذوقون الفن في العالم.

سألته: هل تجد وقتا لمشاهدة ما يعرض في القنوات التليفزيونية خلال شهر رمضان من مسلسلات تاريخية حول الصحابة والشخصيات الاسلامية؟.. أجاب: للأسف في السنوات الأخيرة حدث عندي تقصير في ذلك.

ثراء الدعاة الجدد

قلت له: هناك اتهام مستمر للدعاة الجدد بأنهم حققوا ثراء خلال فترة قصيرة لم يستطع أن يحققها غيرهم من الدعاة التقليديين. قال الحبيب الجفري: مع التحفظ على مصطلح الدعاة الجدد أعتقد أن مثل هذه التعليقات بعيدة جدا عن واقع الأمة المتأزم اليوم، وأطلب ممن له وجهة نظر وأنا احترم هذه الوجهة وإن خالفتنا أو اعترضت علينا وإن افتريت علينا كذلك، أن يكون لديه إحساس بقدر أكبر بما نعيشه اليوم كأمة والمرحلة الحرجة التي نمر بها، الكثير من أراضينا تحت الاحتلال والكثير من دمائنا تراق كل يوم. شبابنا يعيش حالات الضياع في كثير من الأحيان. التحديات التي تقابل ثقافتنا وهويتنا.

واستطرد: تلك الظروف لا تحتمل أي نوع من الانتقاد غير المسؤول. أنا احترم من ينتقدني ويقول إن الصواب خانني في الموضوع الفلاني، أو أن أسلوبي كان على نحو غير مرض. أنا أحترم هذا وأود أن استمع لانتقادات بناءة لأنها ستعينني على تصويب المسيرة، لكن أن يتحول الانتقاد الذي هو وسيلة راقية للبناء إلى معول للهدم، فانني أود ممن يذكرون مثل هذه الكلمات أن يربأوا بأنفسهم عن ذلك، فالمرحلة لا تحتمل، وإلا سيلفظهم الشارع والأمة.

بروز وثروة الحبيب الجفري

قلت له: أنت تحولت إلى شخصية بارزة في وقت قصير، ولم يستغرق الأمر دورة زمنية طويلة.. فهل هذا صحيح؟.. أجاب: هذا الكلام إذا كان صحيحا فهو مخيف، لأن البروز والشهرة هو شعور بالمسؤولية وليست ميزة، فابليس أكثر شهرة مني وليست الشهرة في حقه منقبة او ميزة. ولكنها مسؤولية سيحاسبني الله عليها، وأسأله أن يوفقني لما فيه الخير في ذلك. وأظن أن المسألة ليست لها علاقة كبيرة بالسن، فأكثر من برز من المتقدمين، حصل لهم ذلك في سن الشباب.

سألته: يقال أيضا إنك رجل ثري جدا.. فمن أين هذه الثروة؟.. قال الشيخ الجفري: نعم أنا أعتقد أنني من أثرى أهل الأرض، لأن غناي مستمد من يقيني وثقتي بالله عز وجل وليس من المال، وأنا أظن انه لا يوجد على وجه الأرض انسان أغنى ممن جعل ثروته مستمدة من يقينه بالله وليس من الأرقام التي يملكها.

وأضاف: أما من حيث الأمور المالية، فالحمد لله انتمي إلى أسرة فوق المتوسطة في حالها. ومنذ الصغر لم أر من الله سبحانه وتعالى إلا التيسير والمعونة، فمن الجحود لفضل الله عز وجل أن اجعل هذا الأمر محلا لانشغال البال.

مصادر الانفاق على رحلاته الدعوية

قلت له: من ينفق على رحلاتك الدعوية الكثيرة وهي مكلفة لأنها تشمل معظم أنحاء العالم؟.. أجاب الحبيب الجفري: الذي يعمل في شركة مقتدرة أو مؤسسة كبيرة لا يحمل هم مصاريف التنقلات، فكيف بالذي يعمل في خدمة جبار السماوات والأرض. ملك الملوك الغني المغني. أعلم أن هذا الجواب الحقيقي قد لا يشفي فضول الكثير من الناس بسبب ما نعانيه من ضعف اليقين، ولكن ربما الذي يساعدهم على شفاء فضولهم في الإجابة على هذا السؤال، أن ينظروا إلى قضية الرزق نظرة تتعلق بعبوديتهم لله سبحانه وتعالى، ونحن بحاجة إليها كأمة.

وواصل قائلا: الكثير من الرحلات استجابة لدعوات في مؤتمرات أو أعمال مؤسسية أو محاضرات، واكون فيها ضيفا على نفقة المضيف.

علاقتي كداعية بوالدي السياسي

وعما إذا كان هناك خط تماس بين عمله في الدعوة وكونه نجل السياسي يمني المعروف والمعارض عبد الرحمن الجفري الموجود حاليا في السعودية، قال الحبيب على الجفري: لم أجد خط تماس لأن سيدي الوالد تفهم أن المنهج الذي وفقني الله تعالى إليه يقتضي ألا أكون جزءا من العمل السياسي، فمن الممكن أن اتخاطب مع السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، وان كان هناك شئ في مجالي يجد فيه ما يفيد فيمكن أن أفيده به كما افيد غيره من السياسيين وشرائح المجتمع الأخرى وأيضا في مجاله يمكنه أن يفيدني من معلوماته. الوالد تفهم هذه المسألة وكذلك مجتمعنا.

سبعة أيام في سجن الأمن السياسي

ولما سألته عن قضائه سبعة أيام في سجن الأمن السياسي باليمن وهل كان لذلك علاقة بوالده قال: لا شك. كان السبب في ذلك التباس حصل وربما مقايضة سياسية، ولكن الحمد لله اتضحت المسألة، ولعلها كانت وشاية وجهت إلى الأخ الرئيس (علي عبد الله صالح) واتضح الأمر له، وقام بعدها بالتواصل، وانتهى الموضوع. يعني من الممكن ان تقول كانت فرصة للخلوة.

وعما إذا كانت ثمة قيود على عمله الدعوي في اليمن قال: اطلاقا لا توجد قيود من أي نوع. في أي مكان والحمد لله مسموح لي أن اتكلم. وأحاضر في جامعة صنعاء، وأشارك في التعليم في مواسم الصيف في دار المصطفى للدراسات الإسلامية تحت رعاية شيخنا الحبيب عمر بن حفيظ.

ويضيف: ليست هناك أي تحفظات، ونجلس مع الأخ الرئيس، وإذا كانت عندنا ملاحظات فنبديها أو نوجهها إليه، وحتى لو كانت لدينا انتقادات نجد منه التقبل لذلك ونستمع إلى أرائه ونناقشه فيها، فالمجال مفتوح والحمد لله في اليمن.

شرائط منسوبة للحبيب الجفري

وعن شرائط يبثها البعض على الانترنت منسوبة له في مجالس خاصة وأوصى بعدم نشرها، وهل هذه الشرائط مدبلجة للاساءة إليه رد الحبيب الجفري: لضيق الوقت لم استمع اليها كلها، لكني استمعت إلى بعضها على أمل أن أجد فيها شيئا أصحح به مسيرة الخطاب الذي اتشرف بخدمته، فوجدت أن كل ما سمعته إلى الآن منها عبارة عن اجتزاء لكلمات منها، بعضها قيلت في محاضرات عامة، وبعضها في اجابات خاصة بطلبة علم، وليس خاصة بمعنى أنها سرية، وإنما مستوى الطرح فيها مستوى خاص بطلبة العلم، أي أنه تخصصي، فأخذها بعض اخواننا – هدانا الله تعالى واياهم – وقاموا بقصها واجتزائها بطريقة تغير حتى المعنى المراد ونشروها بطريقة ممنتجة.

وأضاف: الذي أقوله لهم.. إذا كان ما تفعلونه صحيحا، فأسأل الله أن يثيبكم وأن يغفر لي، وإذا كان ما تفعلونه دعوى وظلم وافتراء، فأسال الله أن يثيبني وأن يغفر لكم، فالمرحلة لا تحتمل مثل هذا العبث.

انتقادات السلفيين وموقفهم المعارض له

سألته عن انتقادات بعض السفليين له، وإذا كان ذلك سببه حديثه عن الأولياء والأمور التي يصبونها في خانة المتصوفة، أم أن هناك أسبابا أخرى؟.. أجاب الحبيب الجفري: الأشياء التي يعترض عليها بعض اخواننا السلفيين، والغالب منهم من الاتباع مع بعض المتطرفين من علمائهم، ليست خاصة بأمور التصوف، وإنما هي مسائل عليها جمهور أهل السنة والجماعة وتفرد بمخالفتها بعض العلماء الذين نحترمهم ونجلهم.

وقال: لكن الجمهور من العلماء مع ما نطرحه، وهناك عدد من العلماء السلفيين معتدلون، بيننا وبينهم تواصل، منه ما هو مجالسة ومنه ما هو عن طريق الهاتف ورأيت منهم التفهم والتعقل. وإنما المشكلة عند اخواننا السلفيين أن أصوات المتطرفة عندهم عالية زيادة عن اللزوم، أو هي الأصوات الأعلى في صفوفهم، ولم تتح للأصوات المعتدلة القدر الكافي من البروز، وأنا مستبشر بأننا في المرحلة المقبلة أو في هذه المرحلة، نعيش مع بدايات ارتفاع الأصوات المعتدلة من اخواننا السلفية بين ضجيج التطرف في صفوفهم.

اغاثة روح الرسول وأرواح الأولياء

قلت له: نسبت لك مقولات انتقدت بسببها مثل أن بامكان الرسول أن يغيث بروحه مليون شخص في نفس اللحظة، وأن روح الولي الميت تخرج لتنفع بإذن الله من يستغيث بها، والأولياء الأموات يغيثون بأرواحهم من يستغيث بهم، وإمكانية خروج الجسد من قبره، وأنه يمكن للولي الميت أن يدعو للحي.

رد الحبيب الجفري: الاجابة عن مثل هذا الأمر يتطلب من “العربية” أن تخصص من عشر إلى عشرين صفحة في موقعها لتوضيحه، لكن القدر الذي يمكن أن يكون مناسبا لهذا الحوار السريع، أن تلك الأقوال اقتطعت من ضمن كلام، فقد كان قبله وبعده ما يمكن أن يوضحه للناس. الكلام لم يكن على أنه يغيث بروحه المليون أو على أنه يخرج بجسده، ولكن المسألة تتعلق بعلم التوحيد والعقيدة.

وأضاف: كان الحوار مع طلبة علم في مسار اختصاص علمي في مبحث يتعلق بقدرة الله عز وجل.. هل قدرة الله صالحة لذلك أم لا؟.. ولا أعتقد أن مسلما سواء كان سلفيا أو سنيا أو شيعيا أو أي مسلم كان يمكن أن يقول إن قدرة الله غير صالحة لذلك. فالاجتزاء والاقتطاع الذي حصل أظهر المسألة على غير وجهها وهنا تكمن المشكلة عندما يتحول الاختلاف العلمي الى عصبية تبيح لطرف أن يزور ويدلس ويقتطع كلام الآخر ويخالف الأمانة العلمية باسم الأمانة العلمية.

وأعود لأقول، المرحلة لاتحتمل هذا العبث والتصرفات المراهقة. نحن بحاجة إلى وعي بمتطلبات انتهاض الأمة يكون أكثر نضجا.

كما أننا ننتظر أن نرى شجاعة متوقعة من معتدلي السلفية في نقد بل ورفض تصرفات متطرفيهم من تكفير للمسلمين ورمي بالشرك واهدار للدماء.. كما ننتظر ذلك من بقية الأطراف.

خلافات السنة والشيعة المتزايدة

وبشأن الخلافات المذهبية التي زادت في الفترة الأخيرة خصوصا بين الشيعة والسنة بسبب أحداث العراق، وهل قضت على كل مسافات التقريب التي بدأت منذ سنوات طويلة؟.. قال الحبيب الجفري: المشكلة ترجع إلى عدد من العوامل، أولها: وجود من يخوض في مسائل الاختلاف من كل الأطراف بطريقة غير مسؤولة، وأحيانا بطريقة غير صادقة، مثل اجتزاء النصوص التي سألتم عنها ونسبت إلى شخصي بغير أمانة علمية، فقد نقلت بعض الأقوال على -سبيل المثال- عن الامام ابن حجر العسقلاني واجتزأت وحرف بقيتها بحيث تظهر على عكس مراده. فهذا التصرف الذي يحصل في الأقوال مع عدم الاحساس بالمسؤولية، هي من قبل من يقود اشكالات الحوار، الذي يمكن أن نسميه نزاعا أو صراعا بين التوجهات اكثر من كونه حوارا.

وضرب الجفري مثلا بحوار جرى في إحدى القنوات الفضائية بين السنة والشيعة يراه أحد الأسباب في الفتنة الطائفية الموجودة اليوم في العراق، لأنه لم يكن حوارا وإنما صراعا وتهييجا لنار الفتنة.

ثم تحدث عن العامل الثاني المتمثل في تدخل الموازنات السياسية في مثل هذه المسألة، وأيدي السياسة التي عبثت ولبست بالاختلافات في وجهات النظر القائمة على العلم وعلى الشريعة والدين حتى تحولت إلى وقود لمرحلة سياسية متأزمة في المنطقة.

أما العامل الثالث – كما يقول الجفري – فهو أن الأمة “لا سيما نحن أهل السنة والجماعة تعيش منذ سقوط دولة الخلافة العثمانية ومنذ اضعاف أو تهميش دور الأزهر الشريف، مرحلة من اللا مرجعية، وبالتالي صار هناك تفلت في ادارة الخطاب الاسلامي، سواء بين الطوائف المختلفة، أو الاسلامي الخارجي مع الآخر، وحتى السني – السني فيما بيننا البين. مشكلة غياب المرجعية الواعية التي يرجع إليها في مثل هذا الأمر، كان لها دور في تأجيج مثل هذه الصراعات.

وقال: من الممكن الحل إذا أعيدت الدفة إلى العلماء العاملين الموثوق بهم المتصل علمهم بالسند رواية ودراية وتزكية، وفهم السياسيون أن مهمتهم تذليل العقبات نحو ذلك وليس استغلال مثل هذه الظروف.

المتصوفة حافظوا على سنية مصر

وعن ما يقوله البعض من أن هناك ثمة علاقة قريبة جدا بين المتصوفة والشيعة أو بينهم وبين آل البيت، علق الحبيب الجفري: أما آل البيت فهم مرجع للسنة وللشيعة على حد سواء، كلهم يتقربون إلى الله بمحبة آل البيت والرجوع إليهم، والحديث النبوي الصحيح الذي أخرجه مسلم وغيره من ستة وثلاثين طريقا في السند عند أهل السنة “تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي” وهو حديث عند السنة كما هو عند الشيعة. الخلاف بيننا وبينهم يكمن في نقطتين أساسيتين، الأولى أن البعض منهم أصر على ربط مفهوم محبة آل البيت بالإساءة إلى الصحابة وهذا مرفوض عند أهل السنة والجماعة.

ويضيف: النقطة الثانية أن البعض منهم نسبوا العصمة فيما يتعلق بآل البيت إلى مجموعة منهم حددوها باثني عشرة اماما واعتبروهم المراجع الحقيقية، ونحن نختلف معهم في هذه النقطة، فلا نرى العصمة لغير الأنبياء، وفي موضوع الحصر على الاثنى عشر اماما، فنحن أهل السنة بمحبتنا لآل البيت نقول إن أئمتهم ليسوا محصورين على هؤلاء، بل نرى ان الامام زيد بن علي زين العابدين اماما، والامام الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب اماما الخ. فامامة آل البيت عندنا غير محصورة. هذا تلخيص لمبحث طويل فيما يتعلق بالاختلاف في وجهات النظر.

وقال: بخصوص مسألة التصوف فهو صمام أمان لمحبة أهل السنة لآل البيت من أن تخرج عن حدها إلى الحد المحظور. هذا نستخلصه من التاريخ، فأهل مصر مع كونهم يعشقون آل البيت على نحو يصعب أن تراه حتى عند الكثير من اخواننا من الشيعة، ومع ذلك لم يحصل منهم اجتراء على أحد من الصحابة، السبب في ذلك أن محبة أهل مصر لآل البيت ارتبطت بالتصوف.

ويضيف: سمعت من بعض العلماء البارزين أن المتصوفة في مصر قد يصبحوا قنطرة التشيع، وهذا الكلام مع احترامنا لقائله غير صحيح وكذلك التاريخ لا يقبله، فالذين حافظوا على سنية مصر عبر التاريخ هم أهل التصوف ولك ان ترجع الى تاريخ دخول القائد صلاح الدين الايوبي الى مصر واعاد القيادة السنية لمصر وهو الذي بنا قبة الامام الشافعي كرمز لسنية مصر وبني زوايا للتصوف في مصر.

واخيرا اكرر نحن بحاجة الى دراسة الاولويات في متطلبات نهضة امتنا اليوم حتى نخرج من متاهات كثيرة الى مرحلة عمل مسؤول ناضج.

http://www.alarabiya.net

© 2014 TABAH WEBSITE. All rights reserved - Designed by netaq e-solutions